حالما قصفت إسرائيل أول من أمس مركزاً للبحوث العلمية في جمرايا (شمال شرق دمشق ـــ راجع عدوان جمرايا: الأهداف الحقيقيّة للضربة الإسرائيليّة )، اشتعلت جبهات حرب جديدة على الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي. البداية كانت مع الكاتب المعارض ميشال كيلو الذي أطلّ على قناة «العربية» بعد الاعتداء، سائلاً: «أين كان الطيران السوري، طالما أنه سلاح التصدي والمقاومة؟» ليضحك مذيع القناة السعودية منتشياً بطريقة مستفزة تجافي المهنية، وخصوصاً عند تغطية أخبار القصف والدمار.
ثم استطرد كيلو، موضحاً أنّ الطيران الإسرائيلي حلّق فوق لبنان ست عشرة مرة، قبل أن يقتحم الأجواء السورية ويقصف من دون أن يعترضه أحد!
بعد ذلك، تهافتت شخصيات المعارضة على اللقاء وتداوله الناشطون على صفحات الفايسبوك، فيما مرّ العدون الإسرائيلي من دون أن ينتبه له بعض المعارضين الذين ولّوا وجوههم شطر قطر. هكذا، كانت الممثلة السورية لويز عبد الكريم تدعو إلى ندوة عن الأشكال الجديدة للأدب والفن في الثورة السورية في وزارة الثقافة في الدوحة، من دون أن تسمع ماذا يحصل في بلادها، أو أن تكتب تعليقاً كعادة تعليقاتها المليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية التي صارت سمة تنظيرها الثوري!
من جهة أخرى، رفع أحد الموظفين السابقين في التلفزيون السوري لافتة تقول: «نتحدى الطيران الإسرائيلي أن يحلّق في سماء إدلب المحرّرة لكي تكتشفوا زيف الممانعة». كان الرد حاسماً من بعض أصدقائه الذين ذكّروه بدخول الإعلام الإسرائيلي إلى إدلب بمساعدة «الثوار» ونشروا رابط مقال «الأخبار» في (19/12/2012) الذي يحكي عن الموضوع. فيما اختار أحد الصحافيين إعادة نشر كلام المسؤولين السوريين عام 2010 عن قدرة سوريا على الرد وتقديرها لزمنه الصحيح عندما قصفت إسرائيل موقعاً في محافظة دير الزور.
على الجبهة المقابلة، لم تكن حال الموالين للنظام أفضل. كتب أحد الصحافيين عن ثقته بالجيش السوري عندما يتعلق الأمر بالمواجهة مع الإسرائيلي، طالباً عدم الرد لأنّ التضحيات لا تحتمل فذلكات، ليأخذ الحديث بعداً مختلفاً يناقش الحق في التعليق! وبينما كان البعض يعبر عن غضبه لدخول إسرائيل على خط «الثورة» السورية، استحضر بعض روّاد الموقع الأزرق طيف الشاعر الراحل محمود درويش وهو يردد أبياتاً من قصيدة «مديح الظل العالي» يقول فيها: «سقط القناع، عرب أطاعوا رومهم، عرب وباعوا روحهم، عرب وضاعوا، حاصر حصارك بالجنون وبالجنون، ذهب الذين تحبهم ذهبوا... فإما أن تكون أو لا تكون». فيما اعتبرت إحدى الناشطات أنّ الحل لكل ما يحدث هو ما قاله درويش نفسه في قصيدة «إن أردنا»: «سنصير شعباً إن أردنا حين يؤذن للمغنّي بأن يرتّل آية من «سورة الرحمن» في حفل الزواج المختلط». هكذا، لم يعد عدونا واحداً. صارت إسرائيل أقل خطراً من أعداء الربيع العربي المفترض. لذا لن يحتاج الكيان الصهيوني سوى لزيارة صفحات السوريين الافتراضية ليفرح بزمن هزائمنا الحقيقية.