عندما عدّل الدستور السوري بعشر دقائق ليتسلّم الرئيس بشار الأسد السلطة بعد أبيه، ظنّ السوريون أنهم مقبلون على انفراج سياسي، وهو ما كاد يحصل عندما صدر قانون مطبوعات سنة 2001، الذي مكّن يومها رسام الكاريكاتور علي فرزات من حجز رخصة لجريدته الساخرة «الدومري» من خلال علاقته الوطيدة بالنظام. لكن سرعان ما أغلقت، لتبقى بقية الصحف الخاصة عبارة عن نسخ مشوهة من صحف النظام، مثل جريدة «الوطن» و«بلدنا». لكن المعادلة تغيّرت مع اندلاع الأحداث السورية.
ظهر اسم شبكة «شام» الإخبارية المناهضة للنظام على أهم المحطات العربية. وفي صباح الرابع من الشهر الجاري، قررت الشبكة أن تصدر جريدة أسبوعية ورقية مطبوعة في 16 صفحة تحمل اسم «شام»، معتمدة على كوادر صحافية متمرسة سبق أن عملت طويلاً في الصحافة السورية، على أن يرأس تحريرها الصحافي عبسي سميسم الذي سبق له أن أنجز عدداً كبيراً من التحقيقات الميدانية التي فضحت الفساد في بعض مؤسسات الدولة. وغالباً ما كان الإعلام الرسمي، وخصوصاً جريدة «الثورة» الناطقة باسم الحكومة السورية، يوصد أبوابه في وجهه عندما يجمع وثائقه وينهي تحقيقاً من شأنه أن يميط اللثام عن وجوه عدد من فاسدي الدولة. أخيراً، وجد الصحافي الميداني فرصته في جريدة «بورصات وأسواق»، ثم انتقل إلى جريدة «الخبر»، من دون أن يبتعد في تحقيقاته عن خط التماس مع حزام الفقر المحيط بدمشق. ومع بدء الأحداث، اختار خط المعارضة، وخصوصاً أنّه ابن مدينة بنش في ريف إدلب التي عانت الكثير من قصف النظام بعد تحول معظم أبنائها إلى معارضين، وحملوا السلاح. في عددها الأول، تحيي جريدة «شام» ذكرى مجزرة حماة في الثمانينيات، فيما يحدّد رئيس التحرير في افتتاحيته «كي لا تتكرر المأساة» سياسة الجريدة، مؤكداً أنّها «صوت الثورة السورية». يقول سميسم في حديثه مع «الأخبار» إنّ الجريدة ستجهد للصدور يومياً، وإنّ إدارة التحرير تعمل ضمن تركيا، مع اعتمادها على مجموعة من المراسلين في مختلف المدن السورية، وإنه شخصياً يتنقل بين إدلب وتركيا. ويؤكد أخيراً أنّ الجريدة لن تتخذ خطاب الردح والشتم ضد النظام «لأنه غير مجدٍ». مهما كان توجه الجريدة السورية، إلا أن صدورها مع تأكيدها الابتعاد عن خطاب الردح والشتم، خطوة تعطي الفرصة لتعدد المنابر الإعلامية واختلاف رؤيتها بشكل حقيقي، وهو ما تحتاج إليه سوريا منذ زمن بعيد.



لا للردح

يؤكد عبسي سميسم أنّ سياسة «شام» التحريرية ستنحاز إلى «الثورة السورية، لكنّها مستقلة عن القوى والأحزاب والتيارات السياسية والعسكرية الموجودة ضمنها». ويفيد بأنها تطبع في إحدى المطابع الخاصة في حلب، وستوزع في المناطق «المحررة» على حد تعبيره، وبعض البلدان العربية والأوروبية، وستصل إلى شخصيات معينة في الداخل السوري عبر اشتراكات سنوية، على أن تتكفل الجريدة بإيصال نسخها إلى مشتركيها أينما كانوا. أما في ما يخص التمويل، فيقول سميسم إنّ الجريدة ستموَّل لفترة محدودة من قبل شبكة «شام» الإخبارية وتتعاون مع مراسليها. علماً بأنّ الشبكة نفسها مدعومة من المجلس الوطني السوري.