لفترة طويلة، أحيا المغني علي الديك ليالي السوريين، وتمكّن من تحويل أفراحهم وأعراسهم الشعبية إلى كرنفالات جماهيرية، حتى تحول صاحب «الحاصوده» إلى ظاهرة حقيقية، تحضره أرقى الشرائح في المجتمع السوري وتضع أغنياته أهم المطاعم. حتى إنّ كثيرين هم المغنون الذين حاولوا تقليده والسير على دربه.
لكن المطرب الشعبي عرف كيف يحتل مساحة خاصة بعدما اعتصم عند الغناء الشعبي الذي يعتمد على تراث بيئته الساحلية، وإعادة إحياء بعض الأغنيات والمواويل القديمة وتوزيعها بأسلوب جديد، فكان ذلك سر نجاحه الجماهيري. ببساطتها، لامست كلمات أغنياته قلوب السوريين وأثارت الحنين لدى الجاليات في المغترب، حتى إنه أسهم في نجاح المسلسل الكوميدي الشهير «ضيعة ضايعة» بغنائه تتر الجزءين. هكذا، لم يعد يعرف صاحب «علوش» الخمول ولم تعد حفلاته تعرف التوقف.
لكن منذ اندلاع الأحداث في سوريا، عبّر الديك في أكثر مناسبة عن ولائه للنظام، ورأى أن ما يحصل سيدفع البلد إلى هاوية لن يخرج منها بسنوات طويلة.
لم يكن يعرف أن الموقف قد يكون مكلفاً بالنسبة إليه يوماً ما. وبالفعل حدث ذلك عند وصوله إلى ولاية شيكاغو الأميركية وتوجّهه إلى المسرح المخصص لحفلة الجالية السورية التي أحياها هناك.
عند باب الصالة، فوجئ بتظاهر عدد من الشباب المعارضين كانوا يحملون «علم الانتداب الفرنسي» الذي اتخذته «الثورة» السورية علماً لها.
ويبدو أن مشادات كلامية حصلت بين هؤلاء الشبان وعلي الديك الذي ظهر في مقطع انتشر أخيراً على يوتيوب. وقد ظهر الديك وهو يردّ على ما حصل، بينما كان جمهوره يبالغ في التصفيق له وتشجيعه لرفع معنوياته وتعديل مزاجه بعد هذا الموقف الحرج.
قال الديك في الفيديو: «إذا كان انتماؤنا إلى وطننا كفراً، فإلى جهنم وبئس المصير. أنا مجروح ولم أكن أنوي الكلام، لكن اسمحوا لي أن أحكي براحتي لأنني لا أخاف أحداً». واستطرد: «لو كان من اعترضني على باب المسرح يحمل العلم الوطني، لاحترمت رأيه ولما رددت حتى لو شتمني لأنني سأقف تحت ظل العلم. لكنهم يحملون علم الانتداب الفرنسي! من هؤلاء؟ وماذا يعنون لي؟ وماذا يحملون؟». بعد ذلك، اختار علي الديك موّالاً تحكي كلماته حال المظلوم الذي تعرّض للاعتداء والأذية واحتلال أرضه. بعد ذلك، عاد وحمل العلم السوري وصرخ قائلاً: «هذا هو الكبير ولا أحد يمثلني أنا وأهلي سواه. وأنا حزنت من قلبي على كل من أصابته شوكة في بلدي، لكنني لم أرتكب أي خطأ، فهل يستحق انتمائي إلى بلدي وامتناعي عن الغناء إلا من التراث السوري لوقفة مثل تلك؟ لن أبكي لكنني سأقول تحية لأمهات سوريا اللواتي علّمننا على الحنان». ببساطته المعهودة، وضع علي الديك حداً لبعض المتهورين الذين باتوا يخلطون الحابل بالنابل وصاروا مجرد ديكتاتوريين آخرين.
5 تعليق
التعليقات
-
"بغنائه تتر الجزءين" الحمد "بغنائه تتر الجزءين" الحمد الله أنو الكاتب أستخدم كلمة "تتر" لأنو لو أستخدم "شارة المقدمة" ما كنا فهمنا عليه. و زكريا الككلكلي معه الحق. و هي عن جد مو سخرية
-
ترى ما هو سر نجاح علي الديكترى ما هو سر نجاح علي الديك "الجماهيري"؟ ولماذا العودة إلى هذا النوع من التراث تحديداً وإغفال التراث الحوراني والديري والرقاوي ووو؟ والأهم ما سبب ولاء علي الديك للنظام؟ ولكن النكتة الكبرى جاءت في الموال الذي غناه: "نحنا ما اعتدينا ولا أذينا حدا"!!
-
في مديح علي الديكفي مديح كل موالي للنظام.. حتى لو كان علي الديك. هذه هي الأخبار كما نعرفها.
-
كبير !أنا لا أحب أغانيه ولست من مستمعيه، ولكن رده كان جميلاً ومؤدباً مقارنة بما يقوم به "شبيحة المعارضات" داخل سوريا وخارجها بحق كل من يخالفهم. لا أعرف ما الذي يمكن أن يجمع كلمة السوريين مرة أخرى على قلب رجل واحد. أصبح كل محايد أو مؤيد للدولة السورية ملاحق ومطلوب في كل دول العالم من قبل شبيحة المعارضات السورية، كل همهم هو إسكاتهم، طردهم، "تطهير الأرض" منهم، وفي داخل سوريا يصل الأمر وبكل سهولة إلى قتلهم وتصفيتهم والاحتفال بحفلات الذبح والقتل وقطع الرؤوس تحت جوقة من التكبيرات وكأنهم حرروا القدس! هذه المعارضات تريد أن تلغي وجود كل ما عداها ومن خالفها الرأي في سوريا وخارج سوريا. هذه حريتهم منذ يومهم الأول. إلى متى هذا الهوس والتشنج والجنون ؟ وكالعادة، كل فيديو له أكثر من رواية وعنوان على صفحات الإنترنت. هذا الفيديو مثلاً موجود على اليوتيوب تحت عنوان "الفنان الكبير علي الديك وكلام اكثر من روعة في شيكاغو"، ومن جهة ثانية موجود تحت عنوان "الشبيح علي الديك يشبح في شيكاغو أمريكا"! ولنا على هذا المنوال قرابة السنتين، قسمين، بعلمين، بروايتين لكل خبر صغير وكبير. إلى متى هذه الفرقة يا أصحاب الأبجدية الأولى، إلى متى ؟!