مورا كونيللي لا تحبّ عوكر. «السفيرة الأميركية فوق العادة» ملّت في حصنها. لعلّ تقارير «خلّانها» هنا تصلها دورياً أينما كانت، بل ربما حتى على الـ«آي باد». لا ضير مثلاً في التعرّف إلى آثار صور التي زارتها قبل فترة، فجامعة «جورج تاون» التي تخرّجت فيها لم تنظّم لها الرحلات. لا وقت. ترعرعت مورا في نيوجرسي ذات المصانع الضخمة. لم تلحق حتّى زيارة متحف الأحياء المائية في مدينة كامدين في الولاية. من يعرف ما هي آثار الولايات المتحدة أصلاً؟ أودية وصحارى ومتاحف. لكن أين الآثار؟ اسألوا الهنود. ابحثوا في الأرشيف. أرشيف غير أميركي بالطبع.
منذ عام 1993 وكونيللي «شغّالة» في منطقتنا من الخدمة في «إسرائيل»، ثمّ سوريا واليوم في لبنان. أحبّت مورا لبنان. تأقلمت سريعاً، وها هي تتحرّك في الشوارع كأيّ زعيم سياسيّ. سيارات سوداء مصفحة رباعيّة الدفع، تزيّنها واحدة بيضاء. مرافقون «لبنانيون» نموذجيون يشبهون «قبضايات» الشوارع. وأمس الأحد، حطّت سفيرتنا في الحمرا. في مقهى «الدار»، أرادت ارتشاف قهوتها بكلّ راحة بال. لم يعكّر مزاجها شيء. جميل شارع الحمرا ظهر يوم الأحد، هي تعرف ذلك جيداً. قرب الطاولات المحيطة، كان مرافقوها يتحرّكون بينما كانت كونيللي تستمتع بقهوتها. بعدما انتهت، خرجت وركبت في سيارتها. بقيَ أحد مرافقيها عند باب المقهى. ولما همّت الممثلة والمخرجة اللبنانية يارا أبو حيدر وصديقتها المخرجة المصرية بالخروج من المقهى حيث صودف وجودهما أيضاً، تصدّى لهما حارس كونيللي الشخصي: «ممنوع الطلعة» قالها بصوت حازم. لكنّ الفنانتين أصرّتا على الخروج، فمنعهما الحارس بعنجهية «الرجل الأبيض». قال لصاحبة «شغل حرية كرامة وطنية» الذي عرضته «الميادين» قبل أيام في ذكرى الثورة التونسية: «روحي من هون أحسن ما غيّرلك لونك». وهنا شعرت الممثلة الشابة بالاستفزاز، فردّت عليه بحنق شديد. كاد الأمر أن يتطوّر لولا تدخّل مرافق آخر لكونيللي همس لزميله «مشي الحال، فلتمرّا». أفسح المرافق الطريق ليارا، لكن بعدما شتمها مرة أخرى شتيمةً من «العيار الجنسي الثقيل» وفق ما تقول الفنانة لـ«الأخبار». سمعت صديقتها ما قاله، هي التي اعتادت سماع ذلك بين أزقّة القاهرة، لكنها سمعتها بالأمس من رجل «مهندم».
حاولت يارا أن تفعل شيئاً. ما العمل؟ ردّت الشتيمة بأخرى وراحت تصرخ. لكنّ أحداً لم يتحرّك. لعلّه يوم عاديّ في حياة السفيرة، ويوم عاديّ في حياة مرافقيها. كونيللي في إحدى السيارات الأربع تفكّر في وجهتها المقبلة، ورجالها يقومون بالمهمة جيداً. يارا شعرت بالإهانة... مرارة المواطن المتغرّب في حيّ تربّى فيه. لم يتحرّك أحد في المقهى أو على الطريق. تدجّن الجميع. لا تزعجوا «شباب المواكب». ابقوا في بيوتكم. وريثة «العزيز جيف» أعلنت جوعها/ عطشها. أفسحوا الطريق.