بحضور خجول لم يتعدّ مشاركة ثماني مؤسسات إعلامية («النهار»، «السفير»، «ليبانون فايلز»، «الأخبار»، «المنار»، «صوت لبنان»، «تلفزيون لبنان»، «الجديد») من أصل 20 شاركت في صياغة مسودة «نحو شرعة أخلاقية للإعلام في لبنان» التي أعدتها مؤسسة «مهارات» بالتعاون مع مكتب الأونيسكو الإقليمي في بيروت، أقيم أمس لقاء إعلامي في مكتب المنظمة في بئر حسن، بحضور مجموعة من الأكاديميين شارك بعضهم في الإعداد لهذه الوثيقة المؤلفة من 53 صفحة، ناقش اللقاء موادها، وقُدِّمت اقتراحات عملية للسير قدماً بتطبيقها على أرض الواقع.
استندت الوثيقة في موادها إلى عدد من الشرعات الدولية واللبنانية، فجاءت عامة تميل إلى المثالية أكثر منها محاولةً لإيجاد علاج دائم لمجموعة من الانتهاكات والممارسات الإعلامية التي ازدادت في الآونة الأخيرة في التعاطي مع أي حدث. لكنها انطلقت من هذا الواقع لتأخذ في الاعتبار ما سمّته «الخصوصية اللبنانية» ووقفت عند أهل المهنة من صحافيين وإداريين وأصحاب مؤسسات بغية المساهمة في «تطوير الصحافة اللبنانية».
ومن الأهداف التي طرحتها الوثيقة: تعزيز حرية التعبير والإعلام التي تحدّث عنها المسؤول الإعلامي في مكتب الأونيسكو جورج عواد. أشار الأخير إلى أنّ المنظمة انطلقت من هذا المبدأ ومن شرعة حقوق الإنسان بهدف خلق هذه الشراكة مع «مهارات» وغيرها من المؤسسات والجمعيات المدنية. صفحات كثيرة ضمّت المرتكزات التي دفعت إلى بلورة وثيقة مماثلة وأهدافها التي يأتي على رأسها الحد من استخدام المنابر الإعلامية كوسائل للترويج أو للتشهير وتنقية هذه المؤسسات من ثقافة العنف والتحريض والإثارة. كذلك عرّجت على المبادئ الأخلاقية والمهنية للإعلام اللبناني الذي يجب عليه «ضمان السلم الأهلي ودفع الإعلام الحزبي إلى تقديم مصلحة الوطن على ما عداها». ودعت في النهاية إلى تطوير حقيقي للتشريعات اللبنانية تماشياً مع التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات. وكان لمسؤولي وسائل الإعلام من مكتوبة ومرئية ومسموعة وإلكترونية الـ 20 حيّز في الجزء الأخير من المسودة يتعلق بالشرعة الإعلامية المعتمدة والحقوق والواجبات الصحافية والتعديلات التي يحتاجها القانون اللبناني. في طبيعة الحال، جاءت أغلب هذه المقابلات طوباوية منسلخة في حدها الأدنى عن واقع هذه المؤسسات. لعلّ النقطة المضيئة في اللقاء كانت النقاش الذي دار بين الإعلاميين، وخرج ببعض الاقتراحات العملية لتعزيز هذه المسودة ووضعها على طريق التنفيذ والتبني. أستاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية علي رمّال، حدّد المشكلة الأساسية التي تكمن في الدستور برأيه، طارحاً فكرة إدخال فقرات تجرّم كل من يخرق القواعد المهنية والأخلاقية في الإعلام على الدستور اللبناني. أما الزميل بيار أبي صعب، فقد دعا إلى تشكيل «عصبة» من إعلاميين متنوعي الانتماءات ذوي تاريخ مهني يشهد لهم بالنزاهة، كي تقف في وجه «الوصايات والانحطاط»بوصفها وجهاً من وجوه «المقاومة» للأنظمة الاقتصادية والإعلامية الكبرى، وحتى للمؤسسات التي يعملون فيها، مبدياً خشيته من استغلال السلطة السياسية لوجود شرعة تنظم العمل الإعلامي كي تكمّ الأفواه وتضع أجندة تقمع حرية الصحافة.
في الختام، أعطى معدّ هذه الوثيقة المتخصص في الشرعات الأخلاقية جورج صدقة، ثلاث طرق لتطبيق هذه الشرعة من خلال النقابات الإعلامية والمؤسسات الرقابية، وأخيراً عبر إنشاء مراصد إعلامية تقوّم الأداء الإعلامي أسوة بباقي الدول الأجنبية.