ندخل كتاب «أضواء صور» Les Lumières De Tyr لجوزف صفي الدين وكزافييه خيمينيز (منشورات Steinkis) بخفة الطفولة، لأنّ الطفولة هي زاوية القراءة التي اختارها كاتب السيناريو الشاب جوزف صفي الدين، باستثناء المعلومات القليلة والبسيطة التي وردت في المقدمة، والايضاحات المذكورة في أسفل الصفحات عندما يتعلق الأمر بالتعريف عن زعيم سياسي. تدفعنا الرسوم التي جسّدها كزافييه خيمينيز بالأسود والأبيض إلى الرضوخ ــ ككل النقاد ــ لإغراء إقامة مقاربة مع مرجان ساترابي التي تأخذنا هي أيضاً إلى عالمها من خلال عيون الأطفال، لكن عبر اختيار مقاربة أغنى، ومليئة بالمعلومات التاريخية والسياسية.
عندما كان في الثامنة من عمره، اكتشف ابن صور جوزف صفي الدين (وُلِدَ في فرنسا عام 1985)، أنّ جاره ليس سوى مارسيل غوتليب (1934)، إحدى أبرز الشخصيات في عالم القصص المصوَّرة. تشجّع وزاره، وظلّ يواظب على ذلك منذ ذلك الحين من دون أن يجرؤ «الشاب المبتدئ» على إطلاع فنان الكوميكس الشهير على أعماله. تأثير غوتليب يظهر واضحاً في «أضواء صور». هو يحتلّ ساحة القصص المصوّرة منذ السبعينيات، تعاون مع أسماء من أمثال رونيه جوسيني (كاتب سيناريو عدد كبير من ألبومات «أستريكس» أو «لاكي لوك»). ألّف غوتليب سلسلة بعنوان Superdupont تمثّل محاكاة ساخرة للبطل الخارق بغية إدانة فرنسا الشوفينية. في المقابل، فالأبطال الخارقون الذين ابتكرهم جوزف صفي الدين الذين يضعون أقنعة أيضاً، هم وطنيون مقاومون، أبطال حقيقيون مخلصون لبلادهم.
تدور أحداث القصة في صور عام 1985. في جنوب لبنان الواقع تحت نير الاحتلال الاسرائيلي، نرى منطقة فقيرة ومُهمَلة من الدولة اللبنانية. لكن الفرقة البريئة التي سيشكّلها مصطفى في تشكيلها، لن تتأثر بانقسامات الكبار الاهلية والطائفية. يقرر الأولاد أن يحرسوا نوم أهلهم وجيرانهم الذين أرهقتهم الليالي التي أمضوها من دون نوم بسبب انقطاع التيار الكهربائي باستمرار. سيواجهون بشجاعة المخاطر كلها بغية إنجاز مهمتهم المُحِقَّة: إعادة التيار الكهربائي.
لكنّ الاسرائيليين على مقربة، والصراعات الأهلية تبدو فجأة سخيفة وعبثية. صراعات نخمّن مدى عنفها من خلال شجارات الراشدين في «مقهى علي» حيث يعمل مصطفى. يضع القصف الاسرائيلي الهمجي حداً للمهمات السريّة الليلية، فيقرر الوالدان إرسال ولديهما إلى بلدين مختلفين، حيث يستطيع الأصدقاء استقبالهما وبذلك يفصلان بشكلٍ مؤلم الشقيقين مصطفى (فرنسا) ومحمد (كندا). لكنّ مصطفى لا يستسلم. من فرنسا حيث يدرس تاريخ الحروب وتاريخ العالم، يعلن للأولاد الآخرين الذين هو «قائدهم» أنّه سيؤسس الاتحاد الدولي الكبير بين باريس، ومونريال، وصور وغيرها من المدن.
باستثناء الرسالة في نهاية العمل، فالكتابة النصية (الفرنسية) نادرة جداً على امتداد هذه القصة المصوّرة. الرسوم التي جسّدها كزافييه خيمينيز أُبرِزَت بوضوح، إضافة إلى التصاميم الكبيرة التي تحيل إلى ميل خيمينيز إلى الغرافيتي الذي كان يمارسه في بداياته الفنية. الوجوه التي يرسمها تحمل الملامح الخاصة التي تحمل بصمات الرسام المولع بالغرافيتي.



Les Lumières De Tyr لجوزف صفي الدين وكزافييه خيمينيز (منشورات Steinkis)