ضمن مساحة لا تتعدى الألف متر في «دير مار الياس» في منطقة أنطلياس، ستحتفل «الحركة الثقافية ـــ انطلياس» بمرور 32 عاماً على إقامة «المهرجان اللبناني للكتاب» الذي يُدشّن بعد ظهر اليوم. الحركة التي وقّعت ميثاقها عام 1978 «كجماعة ملتزمة بقضايا الإنسان والوطن وبعيدة عن أي التزام سياسي فئوي» كما جاء في التعريف عن مبادئها، لا تزال تنحو الطريق عينه اليوم مع تماشيها بطبيعة الحال مع المتغيرات المحلية والإقليمية، وتبدّل الظروف الميدانية التي رافقت نشأتها في أتون الحرب الأهلية في بداية الثمانينيات.
وقفت هذه الحركة في وجه لغة النار والحرب الظلامية آنذاك عبر «منطق آخر تجسد بلغة الكلمة التي يحتضنها الكتاب» كما يستذكر أحد مؤسسي الحركة وأمينها العام لسنوات ميشال عقل. في حديثه مع «الأخبار»، يورد كيف أرست هذه المجموعة شراكة مع «النادي الثقافي العربي» ليضم المعرض بين أجنحته الوجه العربي للبنان، وخصوصاً في موضوعي فلسطين وسوريا اللذين لم يكونا على قدر من التصالح مع جزء من البيئة اللبنانية حينذاك. هكذا، نسج خيوط التواصل بغية ترسيخ ثقافة التوحيد والتنوع في وجه التقسيم والشرذمة. ومع الجناح الغربي المتمثل في الفرنكوفونية، أفرد المعرض للغة الفرنسية جناحاً هاماً تعزيزاً لفكرة التصالح مع البيئة المتنوعة. يعتبر عقل أنّه لطالما واكبت الحركة الحداثة في الكتب والفن، ليبقى المهرجان محافظاً على خصوصيته وعلى «الخط» الذي أرساه في النقد والانفتاح على الشرائح اللبنانية ومواكبة التطورات في المنطقة، وخاصة في ظل ثورات «الربيع العربي» الذي تمنى لو خُصّص له حيّز أكبر في دورة هذا العام. لكنه يطالب أيضاً بالتكثيف من الكلام في الثقافة والشعر والعمارة مستشهداً بعنوان كتابه «بالثقافة نبني» الذي سيوقّعه في المعرض (3/15 ــ س: 3:00). عن بدايات الحركة، يتحدث بخجل ممزوج بالتواضع أمين سرّ «اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام في مجلس كنائس الشرق الأوسط» الأب يوسف مونس الذي رافق حركة التأسيس وكان داعماً لها. يعتبر أنّ هؤلاء «الحركيين» كانوا «أبطالاً في عزّ الحرب وغامروا في بلد يحترق، رافعين الكتاب والثقافة والعلم وسيبقون مخلدين في الذاكرة بعدما عبّروا عن وجه لبنان الحقيقي»، واصفاً المهرجان بالرائد والطليعي في تكريمه للعلماء والأدباء. مع الوقت، غاب الوجهان اللذان تحدث عنهما عقل: العربي الذي ابتلعه «معرض بيروت» والغربي الذي استقل عبر «المعرض الفرنكوفوني». بقي الثقل على المحلي، تخترقه بعض الإصدارات والتكريمات العربية، كما سيحصل مع تكريم أنطوان زحلان وعبد الجبار الرفاعي (3/3 ــ س 6:30). أما الجانب المحلي، فيمتد ليحتضن 51 داراً و100 ناشر. ينصبّ الثقل على اختيار الأسماء المكرمة. الدورة الحالية ستحتفي بمرور 150 عاماً على «دار صادر» (3/16ـ س 18:30) وبمئوية ولادة الأديب والشاعر رئيف خوري الذي سيترافق مع إصدار كتاب عنه ساهم فيه 22 مفكراً يوزع مجاناً. وتمتد سلسلة التكريمات لتطال 13 شخصية. كما في الأعوام السابقة، سيبقى الاحتفال بعيد المعلم ويوم المرأة العالمي من الثوابت، وستكرّم المؤرخة سعاد أبو الروس سليم (8/3 ـ س: 6:30). أما الجديد هذا العام، فيتمثل في توسيع مروحة الأنشطة لتشمل الباليه والجاز مع ندى سحلاني (6/3 ـ س: 10:30 صباحاً) والعروض المسرحية... توازي هذه الأنشطة تواقيع كتب تتنوّع بين السياسة والفن والاجتماع تناهز الـ 50. بين طيّات البرنامج ندوة يتيمة عن «انعكاس الصراع في سوريا على الأوضاع اللبنانية» يديرها الأمين العام للحركة عصام خليفة. يقول أحد المنظّمين إنّ الصرح مفتوح لاحتضان الأفكار المضادة التي تشارك بكل «حضارة» مع ضرورة نقاش هذا الموضوع الذي يلامس بعمقه الوضع اللبناني.



«المهرجان اللبناني للكتاب»: من 2 حتى 17 آذار (مارس) ــ «دير مار الياس» (القاعة الكبرى، أنطلياس، شمالي بيروت) ـــ للاستعلام: 04/404510