يتمرّد «شي. أن. أن» على الواقع. هو الخارج من صلب المعاناة التي قدّمها بأسلوب ساخر وجديد على الساحة الإعلامية اللبنانية. يُعَدّ مقدِّم البرنامج ومنتجه سلام الزعتري العقل المدبّر له. لا يتخذ الزعتري من الدبلوماسية أسلوباً له عندما يتحدث عن علاقة البرنامج بقناة «الجديد». يذهب أبعد من ذلك حين يتكلم على بعض المشاكل التي تواجهه. صحيح أنّه يتمتع «بهامش مهم من حرية التعبير في القناة»، إلا أنّه لا ينكر وجود رقابة على برنامجه.
يقول لـ«الأخبار»: «حين ترتفع وتيرة الأحداث مع أيّ تطور تشهده الساحة السياسية، تتدخّل مديرة الأخبار في «الجديد» مريم البسام لاتخاذ القرار بعرض الفقرة التي تعالج الموضوع في البرنامج أو إلغائها». لكن عندما تكون وتيرة الأحداث عادية، تكون الرقابة الذاتية هي المقرِّر الأول لعرض فقرة معينة. يرفض الزعتري أن يُحسب برنامجه على طرف سياسي معين، بل يصفه بأنّه ذو نفَس مستقل؛ لأنّه يتحدث عن أخطاء المجتمع عموماً و«لا أحد تحميه خيمة زرقا». فقد وجد «شي. أن. أن»، ليخاطب الشباب الذين يشكّلون شريحة مهمة في المجتمع اللبناني، وهم يفتقدون برنامجاً يحاكي همومهم. يعدّ «شي. أن. أن» عملاً جماعياً متعدّد النكهات، وكل واحد من المقدمين يزيد نكهته على فقراته. يعيش سلام الزعتري الكثير من المواقف في حياته، فيعكسها بسخرية في البرنامج، فذلك «يفشّ خلقه كما يفش خلق الآخرين».
كل موسم من البرنامج عبارة عن 13 حلقة. واليوم، هناك تأهب في صفوف «شي. أن. أن» للإعداد لفقرات خاصة بالانتخابات النيابية المقبلة؛ لأنّ ــ بحسب تعبير الزعتري ــ المرحلة التي ينتظرها البرنامج منذ أربع سنوات سيعيشها للمرة الأولى. سيؤدي «شي. أن. أن» دور المراقب في ذلك الحدث، وسيقف عند رأي الناس بالمرشحين. يذهب المنتج إلى أنّ البرنامج سيترك تأثيراً في تصويت الناس. وإذا لم يبرز هذا التأثير في الانتخابات المقبلة، فسيكون بالتأكيد عنوان الانتخابات اللاحقة.
لا يؤمن الزعتري بمقولة نسبة المشاهدة؛ لأنّ الشركات التي تجري تلك الإحصاءات تحوط عملها علامات استفهام كثيرة. لكنه في الوقت نفسه، يؤكد أنّ «شي. أن. أن» يحظى بأعلى نسبة متابعة على الموقع الإلكتروني لقناة «الجديد». ويعزو ذلك إلى أنّ بعض الفقرات التي لا تعرض على الشاشة بسبب ارتفاع سقف جرأتها، تُحمَّل على الموقع. يرى الزعتري أنّه سبق باسم يوسف الذي يقدم برنامج «البرنامج» على قناة «سي بي سي»، إذ جاء «شي. أن. أن» قبل برنامج المقدّم المصري بسنوات. ويُرجع قوة الإعلامي المصري إلى مساحة الحرية التي يتمتع بها، ولو أعطيت للزعتري هذه الحرية، لكان «كسّر الدني». في بال المخرج الشاب الكثير من المشاريع، لكنه يطمح إلى تقديم عمل مستقل على غرار «البرنامج».
ولمن يهمه الأمر، فإنّ شخصية أبو طلال الصيداوي (وسام سعد) أبصرت النور عام 2007، أي قبل ولادة «شي. أن. أن». يومها، قدّم سعد ــ بمساعدة الزعتري ــ تلك الشخصية عبر مقلب نفذه في لجنة تحكيم برنامج «سوبر ستار» (أدى دور أحد المتقدمين للبرنامج) الذي عرض على قناة «المستقبل»، فوصلت سمعة أبو طلال إلى النائبة بهية الحريري التي سألت عنه. لكن في «شي. أن. أن»، نضجت شخصية أبو طلال، ولم يصبح حديث الناس فقط، بل محط اهتمام رجال الدين. عندما عرض كليب أغنية «أوبّا صيدا ستايل» التي ولدت فكرته من الزعتري (الصيداوي أيضاً)، وتولّى كتابة كلماتها إلى جانب زميله فؤاد يمين، خصّص أحد شيوخ المدينة خطبته يوم الجمعة للتحدّث عن تلك الأغنية. يرجع سعد الضجة التي أثارتها شخصيّته إلى أنّ الأغنية اتخذت منحىً لم يكن متوقعاً. رأى البعض أنّ أبو طلال «مؤامرة» حاكها رئيس مجلس إدارة «الجديد» تحسين خياط لأهالي صيدا، وتناسوا أنّ خياط ابن صيدا وبيئتها. وهنا يتدخّل الزعتري لتشبيه حالة وسام بأنّه شبيه بوضع لاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي «بحبوه كل الناس، إلا بالأرجنتين بلده بيكرهو».
مَن لا يعرف وسام عن قرب، فإنّه يتمتع بشخصية خجولة. المتمرّد في دور أبو طلال هو فنان لا يحبّ الكلام كثيراً، بل يحب المراقبة. عن جديده، يُعدّ الممثل لشخصية أخرى مع استمرار أبو طلال. ويشير إلى أنّ هذه الشخصية ستتحدث باللكنة الصيداوية أيضاً؛ لأنّ «تلك اللكنة سلسة وقريبة من الناس». يرى أبو طلال أنّ بعض الناس يعيشون تناقضاً تجاه تعاملهم مع تلك الشخصية. بعض الشركات التي حاربته أصبحت اليوم ترعى حفلاته التي يحييها في صيدا. في الحفلة الأخيرة التي أقامها في مركز «معروف سعد الثقافي» في قلب صيدا، حضرها أكثر من 70 شخصاً من «تيار المستقبل»، وهذا الأمر يدلّ على نجاح الشخصية.
يُعَدّ فؤاد يمين الشخصية المرنة والمليئة بالحياة من بين شخصيات «شي. أن. أن». يضحك بين الجملة والأخرى، ويسرد نكتةً تُخرج الحوار عن سكّته. على الشاشة، اعتدنا أن نرى يمين في دور المستضعف من قبل سلام الزعتري، لكنّه عكس ذلك تماماً في الواقع. يوزع يمين طاقته الإيجابية على زملائه، ويروي أنّه يرتجل بعض الفقرات خلال التصوير، فيدفع سلام إلى الارتجال أيضاً. دخل يمين مجال الإعلانات قبل فترة، وقد لمع فيها، لكن ذلك العالم لن يأخذه من التمثيل، وهما مجالان لا يتضاربان أبداً. ليا حصروتي، عنصر أنثوي وحيد في «شي. أن. أن»، تؤدي دور «بوسي مولّع»، تلك الشخصية التي تعكس واقع فئة من الإعلاميات اللواتي يقدمن نشرات الطقس بأسلوب مليء بالدلال. لم تُطلّ ليا سابقاً في أيّ برنامج، لكنها كانت تعمل وراء الكاميرا في «شي. أن. أن». وعندما فتح أمامها المجال لتجسيد شخصية جديدة، لم تتردد في ذلك. ترى حصروتي أنّ البعض لم يستوعب دورها في «شي. أن. أن». لكن مع الوقت، تأقلموا مع شخصيتها؛ لأنّها موجودة فعلاً في عالمنا. تكشف «بوسي» أنّها لن تبقى الشخصية النسائية الوحيدة، بل ستُطلّ امرأة جديدة يعوّل عليها القائمون على البرنامج، وستؤدي دور الفتاة «المسترجلة»!