لندن | بعد عامين على تسريح موظفين واستقالة آخرين للانضمام إلى مؤسسات كـ«سكاي نيوز عربية»، تواجه «بي. بي. سي» مجدداً عملية خلط أوراق أو «حملة تنظيف» لا تستهدف الصحافيين العاديين هذه المرة، بل رأس الهرم العربي! يأتي ذلك بعد إعلان رئيس مجلس أمناء bbc لورد كريس باتن أنّ الأخيرة بكل فروعها تضمّ عدداً من المديرين يفوق عدد المسؤولين في الصين الشعبية، وهذا من مخلفات المناصب التي استحدثها المدير العام السابق لـ bbc مارك ثومبسون.
اليوم، أُقفلت جميع مناصب مديري «بي. بي. سي عربي»، وبات عليهم التقدّم لامتحان والمنافسة على مقاعد جديدة. فإذا نجحوا، فسيعاد تعيينهم، وإذا فشلوا، فقد تكون الخطوة التالية إنهاء خدمتهم. كيف لا ورأس الخدمة العربية يواجه أكثر من مئة شكوى أحرجت «بي. بي. سي» الأم، وأدخلتها في مد وجزر مع «نقابة الصحافيين البريطانيين» التي تُعَدّ من أقوى النقابات العمالية في بريطانيا وأكثرها تأثيراً.
بناءً عليه، أعلن مدير BBC World بيتر هوروكس إجراء «تغييرات هيكلية» في الخدمة العربية، تمهيداً لانضمام الأخيرة إلى أموال دافعي الضرائب عام ٢٠١٥. وقال هوروكس في بيان التغييرات: ««بي. بي. سي. عربي» خدمة رابحة تستقطب ٢٥ مليون مشاهد في الأسبوع (...)، في ظل ارتفاع المنافسة في المنطقة (العربية)، من المهم أن تعتمد «بي. بي. سي عربي» على الإبداع والتقارير الاستقصائية». ولفت إلى أنّ هدف التغييرات هو «ما يعود بالفائدة على المشاهدين، ومن ضمنهم دافعو الضرائب». وفسّر أحدهم هذه الجملة بأنّ دافعي الضرائب يريدون مشاهدة تقارير من «بي. بي. سي عربي» على الشاشة الإنكليزية، وبذلك لا يذهب مال ضرائبهم هباءً. وقال لنا أحد العاملين الإنكليز في «بي. بي. سي عربي»: «ملّت الإدارة الأم من أخطاء المديرين العرب منذ حسام السكري إلى صلاح نجم ففارس خوري. حان وقت استعادة الإنكليز زمام الأمور وإدارة الخدمة لتصبح مساوية للخدمة الأم». هذا التخطيط يفسّر خطوة تعيين ثلاث شخصيات إنكليزية في «بي. بي. سي عربي» قبل شهرين، أوّلها مارتن إيسر المراسل السابق لـ BBC World في سوريا. يتولى هذا الإنكليزي المستشرق مراقبة الموقع الإلكتروني لـ«بي. بي. سي عربي» وتحسين أدائه، فيما تشير الأصابع إلى أنّ إدغار جلاد قد يتولّى منصب مدير «بي. بي. سي عربي». منذ سنتين، وهذا الأخير صاحب الكلمة الفصل في المحتوى والتعيينات على حساب المدير الحالي فارس خوري الذي رُفعت ضده شكاوى كثيرة من الموظفين. وتعدّ التغييرات الأخيرة محاولة لتحسين الخدمة قبل نيسان (أبريل)، تاريخ إعلان تغييرات لاحقة، وجعل دافعي الضرائب البريطانيين يحددون ما إذا كان يعنيهم وجود خدمة عربية يموّلونها. قد يكون هذا التاريخ أيضاً محاولة ليّ ذراع من «هيئة الإذاعة البريطانية» لوزارة الخارجية البريطانية. عندما نقلت الخدمة العربية إلى عهدة «بي. بي. سي» الأم، وضعت الوزارة شرطاً بعدم المسّ بالخدمة، نظراً إلى أهميتها السياسية لها. وليس مستبعداً أن تستغل الهيئة هذه النقطة للضغط على الحكومة، وخصوصاً أنّ نفقات الخدمة العربية تثقل كاهلها. لكنّ موازنة «بي. بي. سي عربي» نقطة في بحر نفقات المؤسسة الأم، وهي تعد «فستقاً» لها وفق أحد المسؤولين الإنكليز. لكن فضيحة مذيعها جيمي سافيل («الأخبار» 11/11/2012) وما يتوقع أن ينجم عنها من دفع تعويضات للمتضررين، قد تجعل حتى ثمن «الفستق» مكلفاً.