تونس | تقرير خاص بالانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون في شهر شباط (فبراير) وحده، أصدره أخيراً «مركز تونس لحرية الصحافة» الذي يعدّ منظمة مستقلة تأسست بعد «١٤ يناير ٢٠١1» ويرأسه محمود الذوادي الذي كان من بين الصحافيين الذين عارضوا علناً نظام زين العابدين بن علي. استند التقرير الى ما سجّلته وحدة رصد الانتهاكات ليؤكّد أنّ الصحافيين التونسيين تعرّضوا لـ ٣١ عملية اعتداء، تضرّر منها ٥٢ بين إعلاميين وتقنيين.
وسجّلت الوحدة ارتفاع عدد الصحافيين الذين تلقوا تهديدات بالقتل، ومن بينهم حمزة البلومي من إذاعة «شمس. أف. أم.» وقناة «نسمة»، ونوفل الورتاني من إذاعة «موزاييك» وقناة «التونسية»، والرئيس السابق لنقابة الصحافيين ناجي البغوري، والمدوّن والصحافي سفيان الشورابي الذي استهدفه نظام بن علي، وعضو الهيئة التنفيذية لـ«النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» زياد الهاني، ورمزي بالطيبي من موقع «نواة» الذي كشف عن العصابة القريبة من حركة «النهضة» التي كانت تعدّ لعمليات اغتيال لرجال أعمال وإعلام، وقد تم القبض على زعيمها وابنه وهو رهن التحقيق الآن، إضافة إلى المدون والمعلّق في إذاعة «موزاييك» هيثم المكي، وعلي العبيدي وسفيان بن فرحات من جريدة «لا براس» وغيرهم.
وقد عرض التقرير أيضاً الاعتداءات التي تعرّض لها صحافيون وتورّط فيها عناصر أمن، وبلغ عددها ١٣ عملية اعتداء استهدفت ٣٢ صحافياً وتقنياً. واهتم تقرير «مركز تونس لحرية الصحافة» بالأوضاع الصعبة التي تعانيها المؤسسات الإعلامية، ولا سيما تلك التي تأسست بعد الثورة بسبب حجب الإعلان الرسمي عنها، مثل الإذاعات الجديدة والصحف، علماً بأنّ العديد من الصحف توقفت عن الصدور بسبب هذه الضائقة، كما توقفت إذاعة «أوكسجين. أف. أم.» بسبب الصعوبات المالية.
وفي السياق نفسه، دعت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» الى تأجيل الوقفة الاحتجاجية التي كان يفترض أن تقام اليوم الأربعاء الى وقت لاحق بغية المزيد من التنسيق مع منظمات وجمعيات المجتمع المدني، وخصوصاً «جمعية القضاة التونسيين» و«عمادة المحامين» للمطالبة بتفعيل المرسومي ١١٥ و١١٦ والإعلان عن تركيبة «الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي والبصري» التي ترفض رئاسة الجمهورية الإعلان عنها، رغم مرور أشهر على التزام رئيس الجمهورية بالإعلان عنها في أقرب وقت ممكن.
ولم تسلم مؤسسة التلفزة الوطنية من هذا المناخ من الاحتقان. وقد أصدرت نقابات المؤسسة الثلاث (السلك الصحافي، وأعوان إدارة الإنتاج وأعوان الإخراج، والتصوير التلفزي) بياناً طالبت فيه بـ«تغييرات حقيقية على رأس مؤسسة التلفزة التونسية ومراجعة التعيينات السابقة على رأس كل الإدارات، وأولها رئاسة المؤسسة بسبب العجز عن إحداث أي تغييرات حقيقية وغياب أي بوادر للإصلاح». وطالبت النقابات بـ«التفعيل الفوري لكل الاتفاقيات الموقّعة مع الإدارة» وتشكيل مجلس إدارة وغير ذلك من المطالب المهنية. وهددت النقابات بإضراب بثلاثة أيام سيُحدّد بالتنسيق مع «الاتحاد العام التونسي للشغل».
كذلك شهدت مؤسسة الإذاعة التونسية توتراً بين الصحافيين والتقنيين والمذيعين والإدارة العامة، إذ يتّهم عدد من الصحافيين المدير العام للمؤسسة محمد المؤدب بالموالاة لحركة «النهضة» الإسلامية والحكومة والتدخل في توجيه البرامج. هذا التجاذب في قطاع الإعلام هو جزء من تجاذب أكبر بين الحكومة و«النهضة» من جهة، والإعلاميين من جهة أخرى، وهو تجاذب لم يهدأ منذ صعود الترويكا إلى الحكم.
بعدما عانى الصحافيون طويلاً من القمع والرقابة، حرّرتهم الثورة. لكنّ هذا الإنجاز لم يستمرّ طويلاً، إذ يواجه الصحافيون منذ الانتخابات التي فازت بها «النهضة» حملات تشويه منظّمة بدأت بعد أيام فقط من تولّي حكومة الائتلاف التي تسيطر عليها «النهضة» تسيير البلاد. حينها، نظّم أنصار الحركة اعتصاماً دام شهرين بعنوان «اعتصام الأحرار لتطهير إعلام العار»، ومن يومها لم تتوقف الملاحقات التي يتعرض لها الصحافيون وبلغت حدّ التهديد بالقتل. كل هذه التجاوزات دفعت المنظمات الدولية المهتمة بحرية الصحافة إلى خفض تصنيف تونس في ما يخصّ حرية الإعلام 4 درجات لتصبح 138، بحسب «منظمة مراسلون بلا حدود» بعدما كانت 134 في عام 2011!