استغرب عدد من القرّاء والأصدقاء أن تكون «الأخبار» هذا العام بالذات في عداد الشركاء الإعلاميين لـ«شهر الفرنكوفونيّة». هذا العام الذي يشهد سقطة تلو الأخرى في سياسة فرنسا العربيّة والأفريقيّة. أول من أمس، في ساحة الانفاليد، تألّق الرئيس الفرنسي كعادته منذ أشهر. لم يجد «صديق سوريا» ما يقوله في رثاء المقاوم والمثقّف والمناضل ستيفان هيسيل، سوى أن يعيب عليه مواقفه المناصرة للقضيّة الفلسطينيّة وانتقاده الصارخ لإسرائيل.
«الصدق لا يلتقي بالضرورة مع الحقيقة» قال فرنسوا هولاند. هل «الحقيقة» التي يملكها وريث بيار منديس فرانس، تقول بتغليب المصالح الاستعماريّة على حقوق شعوبنا الساعية إلى العدالة والكرامة والحريّة؟ ربّما كان على الرئيس الفرنسي أن يختار بين «انشغاله» بتقدّم المجتمعات العربيّة، و«يقينه» الثابت الذي يملي الدفاع غير المشروط عن إسرائيل. لقد خرقت حكومته (الاشتراكيّة) سيادة العدالة، ومنطق دولة القانون، ورفضت إطلاق سراح جورج إبراهيم عبدالله الذي قضى ثلاثة أضعاف محكوميّته! من قال إن الديموقراطيّات الكبرى لا تتسع للسجناء السياسيين؟ لكن مقاومة أشكال الاستعمار الجديد والوصاية الأجنبيّة لا تبعدنا عن القيم الكونيّة، بل تقرّبنا من الثقافة الفرنسيّة، بما تحتضنه من تنوير ومساواة، وفكر تحرري وانحياز إلى العدالة. هل ننسى أن جورج عبدالله فرنكوفوني؟ بل إن الثقافة الفرنسيّة كانت على الأرجح طريقه إلى الثورة. تلك هي الفرنكوفونيّة التي ندافع عنها اليوم في بيروت، جسراً لعبور الأفكار التقدميّة من بلد المقاومة المجيدة ضدّ النازيّة، إلى أرض الإسلام…