تونس | بعد فترة الحرية القصيرة التي تَلَت سقوط النظام التونسي السابق، عادت الملاحقات الأمنية للفنانين لتطال هذه المرّة الرابر الشاب المعروف باسم «علاء ولد 15» (الصورة) وآخرين. أغنية «البوليسيّة كلاب» التي أطلقها على يوتيوب، كانت كافية لأن يتعرض الشاب للتهديد من قبل رجال الأمن، وإيقاف الفتاة صابرين قليبي والشاب هادي لمشاركتهما في كليب الأغنية.
وفيما تمكّنت السلطة من إيقاف الأخيرَين، إلا أنها لم تتمكن من القبض على علاء الذي لا يزال مختبئاً. وفي حوار أجراه معه موقع «نواة» في مكان سرّي، أعلن علاء أنه لن يسلّم نفسه للقوى الأمنية لأنه لا يملك الثقة بها ولا بالقضاء. في أغنيته، انتقد علاء رجال الأمن والفساد، لكنّه لم يقصد «الإساءة الى جهاز الأمن»، وفق ما ذكر في المقابلة. لكنّه فوجئ على حد قوله برد فعل الأمن الذي يستخدم ديكتاتورية النظام السابق. لا شكّ في أن علاء خائف الآن، لكنه ليس نادماً على أي كلمة قالها في الأغنية. وأضاف إن أغنيته التي أورد فيها «كلمات وعبارات نابية» هي رد فعل على العنف المادي والمعنوي الذي يمارسه أعوان الأمن على المواطن في الشارع وتطبيقاً لمقولة «خاطب القوم بما يفهمون».
هذه القضية الجديدة التي يُتوقع أن تتسارع تطوراتها في الأيام المقبلة، تندرج ضمن سياق سياسي عام تُتّهم فيه حكومة «النهضة» بالعودة الى أساليب النظام السابق في مطاردة الفنانين، وخصوصاً بعدما وجّهت صفحات تابعة للحركة الإسلامية على الفايسبوك تهديدات بالاعتداء بحقّ المسرحي لطفي العبدلي إثر تقليده لهجة رئيس الحكومة الجديد علي العريض في برنامج تلفزيوني على قناة «التونسية». الحملة ذاتها تعرّض لها نجم الكوميديا التونسي لمين النهدي بعدما انتقد أداء الحكام الجدد وتقصيرهم في حق الثقافة والفن والمبدعين، وتورّطت فيها جريدة «الفجر» الناطقة باسم حركة «النهضة».
قضية الرابر «ولد ١٥» الذي تعرّض أيضاً لملاحقات في ظل نظام زين العابدين بن علي والحملات التي تستهدف الفنانين الذين يعلنون معارضتهم للحكومة تكشف عن اتساع الهوة بين الائتلاف الحاكم والشارع الثقافي. وقد توسّعت هذه الهوة بعد استقالة أبو يعرب المرزوقي أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية الذي استقال من الحكومة ومن المجلس التأسيسي ومن حركة «النهضة» التي اعتبرها فاشلة في إدارة البلاد واتهمها بأنها تعالج «فساداً بفساد».