انطلقت الدورة الأولى من «مهرجان الموسيقى التجريبية في لبنان ــ ارتجال» عام 2000. رغم الانتقادات التي تعرّض لها هذا النوع هنا، ما زال الحدث قائماً ويطلق دورته الـ13 مساء اليوم في حانة Yukunkun في الجميزة. لم تكن التوقّعات عالية عندما قرّر شريف صحناوي ومازن كرباج ومجموعة من الموسيقيين أن ينظموا أول نسخة من «ارتجال». كانت التجربة آنذاك تهدف الى الإضاءة على الموسيقى المعاصرة والتجريبية. يقرّ صحناوي في حديث مع «الأخبار»: «كنّا أنا ومازن كرباج وبعض الموسيقيين نعرف أننا سنفاجئ اللبنانيين. كنا ندرك جيداً أن هذا النوع من الموسيقى صعب. مع ذلك، قررنا أن نسلك اتجاهاً مرتجلاً. في بداية المهرجان، لم نكن نعرف ماذا نفعل تحديداً، وواجهنا الكثير من الانتقادات. وأقرّ بأن المستوى لم يكن عالياً، لكننا احتفظنا بالامل وأصررنا على الاكمال، وخصوصاً بوجود ناس يتابعون هذه النشاطات في لبنان.
من أجل هؤلاء، ومهما كان عددهم قليلاً، قررنا الاستمرار، حتى بدأ مستوى المهرجان يرتفع من سنة الى أخرى. وهذه السنة لدينا أسماء مهمة». تقوم فكرة المهرجان والموسيقى المرتجلة على أن يأتي الفنان أو العازف بشيء جديد وبأسلوب خاص به. لا يكتفي بما سمعه قبلاً وبتأدية موسيقى معهودة، بل يلجأ الى الابتكار، وقد يكون ذلك بالخلط بين أنواع موسيقية مختلفة للتوصل الى صوت جديد أو ربما اختراع نوع موسيقي جديد. التجربة تتطلب أخذ الموسيقى الى اتجاه آخر مختلف».
هذا العام، يتخذ المهرجان ثلاثة اتجاهات: الموسيقى الالكترونية الحديثة، وموسيقى الروك وإعادة إحياء الموسيقى الشرقية. ويمكن أن نقول إنّ النقطة الأخيرة هي الشيء الجديد الذي يضاف إلى الحدث في دورته الـ 13، إذ سبق أن استضاف في السنوات الماضية فنانين عزفوا الموسيقى الالكترونية والروك. في هذا الاطار، يستقبل المهرجان هذه السنة العراقيين: عازف العود خيّام اللامي (4/4 ـ مركز بيروت للفن) وعمر ديوه جي (4/4). الهدف هو الغوص في الموسيقى التقليدية الشرقية وأخذها الى مكان آخر. يعيش اللامي في لندن، وهو عازف عود اشتهر بانتقاله بين الريبرتوار العربي الكلاسيكي والتأليف المعاصر، وقد حقق لنفسه شهرة عالمية بفضل إضفائه الجديد على موسيقى العود. سنسمعه مع موريس لوقا في مزيج بين الشرقي والموسيقى الالكترونية ويرافقهما عازف الدرامز لوكاس ليغيتي. سيقدّم الأخير أيضاً حفلة (5/4 ــ مترو المدينة) منفردة على آلة الماريمبا لومينا أو الماريمبا الالكترونية في أسلوب يمزج بين موسيقى العالم والجاز والالكترونية.
ويشكّل عمر ديوه جي مع بايد كونكا وسام شلبي ثلاثي عود وكلارينيت وغيتار كهربائي تحت عنوان City Of Salt. بين الجاز الشرقي والتقاسيم العربية التقليدية، يتخذ الثلاثي خطاً ثالثاً، معتمداً على أساس المقام العربي والارتجال الحر من أجل التوصل الى نوع جديد من الموسيقى، التي تمزج بين الشرقي والغربي معاً. من ناحية الموسيقى الالكترونية، سيطلق ربيع بعيني ألبومه الجديد «البداية» ليلة افتتاح المهرجان في Yukunkun. يأخذنا بعيني بين التكنو والتجريبي الـ Industriel (موسيقى تعتمد على أفكار مثيرة للجدل) مع عازف الساكسوفون بييرو بيتولو بون، وعازف البايس الكهربائي ألفيز سيغي، وتوماسو كابيلاتو على الدرامز ضمن Upperground Orchestra التي تضم مجموعة من الموسيقيين المرتجِلين. بعيني المعروف بـMorphosis، لبناني مشهور عالمياً، سُعد المنظمون بتمكّنهم من دعوته الى المهرجان.
مازن كرباج، أحد مؤسسي المهرجان، سيقدّم أول عرض صولو له (6/4 ــ Yukunkun) ضمن مقاربة جديدة للعزف على الترومبيت وعودة الى تقنيات أكثر بساطة من تلك التي تعوّد تقديمها. ومن هولندا، لدينا عازف الدرامز بالاز باندي الذي يجول العالم وهو معروف بتقديمه موسيقى مبتكرة (3/4). يعدّ للمهرجان أداءً منفرداً مفعماً بالطاقة، وسيشارك معه ستيفان رايفز على الساكسوفون وعثمان عربي على الغيتار الالكتروني. ونشير أيضاً الى مشاركة رائد ياسين الذي ينتمي الى أول موجة من العازفين التجريبيين في لبنان (6/4 ــ Yukunkun)، وكانت له مساهمات عدة في المهرجان. في حفلته، سيجمع بين الموسيقى الالكترونية والدوبل باس في محاولة منه لاستكشاف صوت جديد والتوصل الى قاسم مشترك.
أما في ما يتعلق بموسيقى الروك، فنجح أخيراً صحناوي في استقطاب الفرقة الكندية Shalabi Effects، بعد محاولته مراراً خلال العقد الأخير دعوة الفرقة الى المهرجان (5/4 ـ مترو المدينة). أسلوبها يتأرجح بين الروك التجريبي والجاز الحر. وبالنسبة الى الفنانين اللبنانيين في مجال الروك، نجد شربل هبر (غيتار) وفادي (طبال) اللذين سيكون ظهورهما (4/4 ـ bac) في «ارتجال» بمثابة تمهيد لإطلاق ألبومهما الأول معاً.

«ارتجال 13: بدءاً من اليوم حتى 6 نيسان (أبريل) ــ للاستعلام: 79/135932
www.irtijal.org



إشكاليات ومخاطرة

الموسيقى التجريبية تطرح بعض الإشكاليات والمخاطرة أيضاً. في غياب التخطيط الدقيق لما سيؤديه العازف مسبقاً أو عدم سلوكه النهج الموسيقي التقليدي أي هارمونية مثبتة، قد تضيع الأمور. لذا يصرّ شريف صحناوي على تكوين فكرة مسبقة عما سيؤديه الموسيقيون قبل استضافتهم في المهرجان. ليس ممكناً بطبيعة الحال الاصغاء الى البرنامج كاملاً وبدقة، لأن الأمر يتعلق في النهاية بموسيقى مرتجلة.