تكتسب ترجمة رواية مويان «الحلم والأوباش» (دار العين) في مصر أهمية مضاعفة. أولاً كوْن هذه الترجمة الباكورة لم تمرّ عبر لغة وسيطة، بل نقلت مباشرة عن اللغة الصينية الأم. ثانياً وكما صار شائعاً بسبب أهمية الانفتاح على الأدب الصيني ككل من بوابة هذا الروائي الحائز أخيراً جائزة «نوبل» للآداب.ترجمة محسن فرجاني أستاذ الأدب الصيني في كلية الألسن في جامعة «عين شمس» والمرفقة بدراسة موجزة حول سياقات تطوّر الأدب الصيني المعاصر وثيماته، تعتبر مدخلاً جيداً نحو عالم صاحب «أناشيد الثوم» الذي اشتهر بأسلوبه الذي تمتزج فيه الواقعية السحرية والحكايات الغرائبية المتجذرة في التراث الشعبي الصيني. وهذا بالتحديد ما لمّح له بعضُ منتقديه لجهة أسلوب مويان في محاولته محاكاة واقعية أميركا اللاتينية «السحريّة»، وتحديداً أسلوب ماركيز. في «الحلم والأوباش»، تظهر فرادة عالم مويان بين جيل ما يسمى «الموجة الجديدة» في الأدب الصيني أمثال آنشانغ وجيو شولان. ليست السيرة الذاتية للفتى الرائي «شوكن» سوى انعكاس لمفاصل أساسية وتفاصيل حساسة في بيئة صينية خاصةٍ خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية نحو مرحلة «جمهورية الصين الشعبية». أحلام «شوكن» بسلبيّتها وإيجابيّتها وبساطتها التي تتحقق باستمرار تعكس في العمق قدرة مويان على خلق سحريته الخاصة بأدوات بسيطة وشخصيات لا تخرج عن مألوف مَعِيش وشائع في البيئة الريفية الصينية، بالإضافة الى بساطة السياق السردي وغياب التعقيد في طبيعة الشخصيات مع نقد مبطّن للنظام القائم في المجتمع الجديد. («أيّ ثورة هذه؟ أنتم في المجتمع البائد ملأتم بطونكم، وفي المجتمع الجديد تدخلون المدارس العالية» ص80). سيرة «شوكن» الشخصيّة تعكس في وجهها الأصلي معضلات التغيير في البيئات التقليدية العادية، ولا سيما فترة المجاعة التي رافقت ما يسمّى الثورة الثقافية آنذاك. وليس المبشر «مورويا» المسؤول عن كنيسة القرية ومحاولاته إقناع جدَّيْ «شوكن» بالذهاب الى المدرسة لأهمية التعليم سوى وجه من وجوه هذه المعضلات. هذا فضلاً عن أزمات هذا المبشّر الشخصية في علاقته الاجتماعية بالبيئة التقليدية الصينيّة، وخصوصاً النقاش حول إمكانية تقبّل زواجه بفتاة صينية أصليّة، وصعوباته في عملية نشر الدين الجديد في فترة النظام القديم. الجهل، إذا جاز التعبير، بالأدب الصيني في العالم العربي مردّه إلى مآزقَ شائعة، منها ما يتصل بالقراءة والثقافة ويتعداه الى أسباب عديدة ترتبط بالوعي الثقافي السائد والاستهلاكي عند العرب.