لم يكن ينقص مسلسل التحريض الذي يلاحق الكوميديان السوري دريد لحام، سوى شائعة تفيد بظهوره على تلفزيون «المنار» ليصرّح بأنه سيمزّق جواز سفره السوري في حال سقوط نظام بشار الأسد. سبقت ذلك شائعة سخيفة مفادها أنّ نجم «غربة» يتولى قيادة جماعة مسلحة، وأخرى عن أمه اليهودية! ليس ذلك غريباً، ففي هذا الدرك الذي بلغناه اليوم، لم يعد مستهجناً أن يتوه «مناضلو» العالم الافتراضي بين اليهودية كدين وبين الصهيونية ككيان عنصري غاصب. على أي حال، سارعت عائلة «غوّار» إلى الرد على شائعة «المنار» التي أخذت تستشري في زمن العمى والجنون، فأصدرت بياناً جاء فيه: «لا نأبه لمن يلفق الأكاذيب لكنّ عتبنا كبير على من يصدقها أو يتبناها، وخاصة من صفّق يوماً متأثراً بمسرحية أو فيلم أو مسلسل أو حتى موقف لدريد لحام». مع ذلك، كان غريباً أن ينفي البيان ما اعتبره تهمة عندما قال: «والدة دريد لحام ليست يهودية». في حواره مع «الأخبار»، يؤكد نجم «كاسك يا وطن» أنه أصدر البيان لأنّ الموضوع تجاوز الحد ولامس انتماءه إلى الوطن، وطال هويته التي لن يحمل غيرها. ويستطرد: «طوال خمسة عقود، لم أقابل إلا الحب. لكن ما حصل خلال هاتين السنتين نتيجة لخلافي مع جزء كبير مما يحدث على الأرض، جعلني هدفاً لهجوم أهوج لا يحترم الحد الأدنى من تاريخي الطويل». ويشرح بطل «الخربة»: «لا أعرف إن كان من يروّج الشائعات، كان قد ولد عندما صرّح أحد كبار المسؤولين السوريين: سنقطع لسان دريد لحام. لا أظن أنّ أحداً من هؤلاء يتذكر ما قدمته مع رفيق الدرب الراحل نهاد قلعي من اسكتشات ساخرة جداً بطريقة تشبه ما يقدّمه باسم يوسف الذي يريدون إجهاض تجربته أيضاً. انتقدت ما عرف بـ«الكتائب الحمر» التي انتشرت في سوريا، فصرّح مسؤول آخر: يستحقان الشنق في ساحة المرجة». حال ذكر نهاد قلعي (حسني البورظان) صانع الكاركترات الخالدة (غوار وأبو عنتر وأبو صياح وياسين)، نتذكّر الأخير الذي اغتالته يد الإجرام في دمشق (الأخبار 26/2/2013). يومها، منع الحزن دريد لحام من رثاء رفيق دربه. يعود اليوم إلى الحادثة، قائلاً: «ما يحدث عملية ممنهجة لاغتيال الفرح. الرجل الطيب الذي لم يزعج أحداً في تاريخ حياته سبقنا إلى جوار ربه وربما ارتاح من الفاجعة السورية. نتحدث عنه كأنه بيننا، لأنه سيعيش بما تركه من إرث فني». لكن الجريمة الشنيعة حرفت لتصبح مطية للتحريض، إذ نشرت مواقع إلكترونية عدة صورة «ياسينو» مضرجاً بدمائه وكتب عليها «شهيد الثورة» وإلى جانبه صورة غوار وهو يصافح الرئيس السوري ممهورة بسيل من الشتائم. يردّ دريد لحام: «إنّه استغلال رخيص، كأنني الوحيد الذي صافحت بشار الأسد دوناً عن مسؤولي سوريا والعالم. أنا أحترم الأسد، لكن لديّ ملاحظات كثيرة على النظام وسياسته وأسلوبه في التعاطي مع الأزمة. ولم أعتد السكوت عن عيوب الأنظمة والحكام. مع نهاد قلعي ومحمد الماغوط وعمر حجو، كنا ننتقد الأنظمة على الخشبات والتلفزيون. وسأظل أفعل ذلك». من مكان إقامته في دمشق، يؤكد بطل «سنعود بعد قليل» أنه باق في عاصمة الياسمين. لكن لماذا لم يختر مكاناً أكثر أماناً هذه الفترة؟ يجيب بحزم: «هم يحاولون استفزازي لأغيّر موقفي ولأكون مع طرف ضد طرف آخر، ولأشجع على سيل الدماء. عندها سأخرج من دائرة التحريض ضدي. لن أغادر سوريا. بلدي يمنحني كرامتي رغم الخطر والخوف والدماء». وعن أخباره الفنية، يشير إلى أنه ما زال يصوّر مع الليث حجو دور نجيب (أبو سامي) في مسلسل «سنعود بعد قليل» وقد بلغ مراحل التصوير الأخيرة في بيروت. عن هذا الدور، يقول: «قررت تجسيد شخصية تختلف عن كل ما قدمته سابقاً. إنّه أب لعائلة حيث أبناؤها مشتّتون بين دمشق وبيروت. وللاعتناء بهم، يطوف الأب بين العاصمتين على خلفية الحدث السوري. إنها شخصية تشبهني في الحياة». وعن تعرضه لمحاولة اعتداء مرتين خلال تصوير العمل في لبنان، يقول: «ربما هي حملة ضد الدراما السورية لاعتبارهم أن كل من يَعمل هو مع النظام. كأنه يجب أن نعتصم في بيوتنا حتى نكون مع الثورة. يطبّقون مقولة أميركا: إذا لم تكن معي، فأنت ضدي، ويجهلون المعنى العميق للحرية والديموقراطية». وأخيراً ، يطلق نداءً إلى كل السورييين: «إن كان للحرية والديموقراطية من ثمن، فقد دفعت سوريا أبهظ منه بكثير. ليجلس الكل حول طاولة الحوار كرمى للشهداء».