القاهرة | لا تزال الصحف المصرية الخاصة تخوض كل فترة حرباً بين المالكين والعاملين فيها، في محاولة كل طرف لفرض سياسته الإدارية والمالية. في تطوّر مفاجئ، أعلن رئيس تحرير صحيفة «التحرير» إبراهيم عيسى، الذي يقدّم أيضاً برنامج «هنا القاهرة» (قناة «القاهرة اليوم»)، استقالته من منصبه، أول من أمس، فاختلفت ردود الفعل إزاءه في الأوساط الإعلامية المصرية.
في حديث مع «الأخبار»، أوضح عبد المجيد عبد العزيز المحرّر في «التحرير» أنّ المشكلة بدأت عندما قرّرت الإدارة تعيين 19 صحافياً فقط في الجريدة، وهو عدد صغير، لأنّ هناك 27 صحافياً ينتظرون تعيينهم وينفذون اعتصاماً منذ أسبوع. ولفت إلى أنّ معركة الصحافيين هي مع إدارة «التحرير»، وليست مع عيسى بشكل مباشر. مع ذلك، كتبت الناشطة والمدوّنة نوارة نجم على تويتر أنّ «استقالة إبراهيم عيسى ترجع إلى الضغط الذى مارسه صحافيون «تحت التمرين» ضده، احتجاجاً على عدم تعيينهم».
وكانت نقابة الصحافيين قد شكّلت الخميس الماضي لجنة للتفاوض مع المعتصمين والإدارة، إلا أنها فشلت في تدارك الأزمة بعد تمسّك الإدارة بعدم زيادة أعداد الموظفين، وهو المطلب الأساسي للعاملين. وقد عمد بعض رؤساء الأقسام الموالين للإدارة الى الاستعانة بمحرّرين من خارج الصحيفة لسدّ العجز الناجم عن الإضراب، فيما حذفت الإدارة اسم رؤساء الأقسام المتضامنين مع المحرّرين من «ترويسة» الصحيفة مثل عمرو بدر ومصطفى البسيوني. من جهته، اعتصم عيسى بالصمت تجاه الأزمة، ولم يرد على اتصالات «الأخبار» به.
مع ذلك، بدا كل شيء على طبيعته أمس. فقد افتتح عيسى صحيفة «التحرير» بمقاله الاعتيادي، تحت عنوان «إذاً هو الفشل بنجاح ساحق»، مشيراً إلى حكم الإخوان الذي يمارسونه «بالغطرسة والجهل الفخور والاحتكار والاستئثار بالعنف وبالقانون». وجاءت استقالته، مخالفة لتوقّعات البعض الذين كانوا يتهمونه بانحيازه لإدارة الجريدة، وفي مقدّمهم أحمد حسنين هيكل نجل الكاتب محمد حسنين هيكل، وشريف المعلم نجل الناشر وصاحب جريدة «الشروق» إبراهيم المعلم. وكان عيسى قد ترأس جريدة «التحرير» اليومية منذ تأسيسها في نيسان (أبريل) ٢٠١١ عقب «ثورة ٢٥ يناير»، واشتهر بمعارضته لنظام مبارك، ويعدّ من أشدّ معارضي حكم الإخوان. وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2010، أطيح الإعلامي المصري من رئاسة تحرير جريدة «الدستور» (أسسها عام 1995) على يدي مالكَي الجريدة وقتها: رئيس «حزب الوفد» السيد البدوي، ورجل الأعمال رضا إدوارد.



بين تضامن وتنديد

أعلن الكاتب الساخر عمر طاهر توقفه عن كتابة عمود «الزاوية» في الصفحة الأخيرة من جريدة «التحرير» في حال تمسك عيسى بقرار الاستقالة. من جهة أخرى، دعت بعض الأصوات إلى تنظيم وقفة أمس أمام مقر «التحرير» للتضامن مع الصحافيين المعتصمين في الجريدة «ضد سياسات عيسى الإدارية والمالية». فيما وجّه عضو اللجنة التنسيقية لحركة «كفاية» محمود بدر نقداً لعيسى عبر صفحته على فايسبوك، معتبراً أنه «يشبه الإخوان المسلمين. يقول ما لا يفعل، إذا كان يطلب من الإخوان المسلمين عدم تعيين الأهل والعشيرة والمحاسيب، فنحن نريد منه عدم تعيين محاسبيه».