القاهرة | سؤال عن حرية الصحافة في مصر انتهى أخيراً إلى حملة قوية انطلقت على تويتر، داعيةً إلى إقالة وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود المتّهم للمرة الثانية في أقل من ستة أشهر بالتحرش لفظياً بالنساء. كانت ضحيته الأولى الإعلامية السورية زينة يازجي (الأخبار 1/10/2012) التي استضافته ضمن برنامجها «الشارع العربي» على تلفزيون «دبي»، وقال لها تعليقاً على بدء فقرة أسئلة الجمهور: «أرجو متكونش الأسئلة سخنة زيك». يومها، أثارت هذه العبارة حملة هجوم عنيفة على عبد المقصود، فخرج ليؤكد أنّ هناك مَن أساء فهم العبارة؛ إذ كان يقصد «ألا تكون الأسئلة سخنة مثل أسئلتك».
لكن هذه المرة، كان الوضع مختلفاً. ما قيل في دبي يحتمل التأويل، لكن ما قاله الوزير مساء السبت في «فندق بيراميزا» في ضاحية الدقي كان بالعامية المصرية التي لا يختلف المصريون على تفسيرها. حسب مقطع الفيديو الذي انتشر عبر مواقع التواصل، كان الوزير يتكلم في إطار حفل توزيع «جوائز مصطفى وعلي أمين» الصحافية الذي تنظمه مؤسسة «أخبار اليوم». وحين سألته الصحافية ندى محمد من موقع «حقوق دوت كوم»: «فين حرية الصحافة والصحافيين؟»، ردّ الوزير ساخراً: «فين حرية الصحافة، تعالي لي وانا أقولك فين»، فضحك بعض الحضور قبل أن ينتبه الوزير إلى أنّه ردد عبارة شعبية تعكس تحرشاً جنسياً كما يعرف المصريون. حتى لو كانت نيته سليمة، فإنّه لا يليق أصلاً بوزير إعلام أن يستخدم تلك العبارات. انتبه الوزير الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين متأخراً إلى هذا الأمر، فوصف الصحافية بـ «الزميلة الكريمة المحترمة»، لكنّه طالب الحضور بالردّ على سؤالها وما إذا كان يتفق معها بأن لا حريات إعلامية في مصر. إجابة الوزير غير اللائقة على الصحافية الشابة جاءت لتكمل الرؤية التي يدير من خلالها عبد المقصود منظومة الإعلام المصري بعد الثورة. كل تصريحات الوزير تؤكّد أنه ينفذ أجندة إخوانية خالصة، فهو أول وزير إعلام يرى أنّ إنجازات الرئاسة لا تصل إلى الجمهور بسبب الإعلام الذي «يتربّص» بالرئيس، وأنّ الشائعات التي تطلق ضد «ماسبيرو» (التلفزيون الرسمي) تهدف إلى التغطية على النجاح الجماهيري الذي يحققه في عهده! وزير الإعلام يرى أيضاً أنّ صدور أكثر من 50 جريدة في عهد محمد مرسي وإطلاق 20 فضائية جديدة أمرٌ يعكس حرية الإعلام من دون أن يتكلم على مضمون هذه القنوات وتلك الصحف، وما إذا كانت تقدّم رسالتها من دون قيود.
وزير الإعلام المصري هو أول وزير يرى أنّ البلاغات المقدمة ضد باسم يوسف وباقي الإعلاميين ليست سوى تصرّف عادي من محامين ومواطنين يمارسون حقهم الطبيعي في اللجوء إلى القانون، ما جعل الغاضبين من تحرش الوزير بالصحافية ندى محمد يطالبون أيضاً بأن يطبق عليه القانون الذي يتشدق به الإخوان المسلمون دوماً. إلى جانب حملة المطالبة بإقالته على تويتر التي شهدت تفاعلاً كبيراً، دشنت حملة أخرى تطالب الصحافية المعنية بتقديم بلاغ رسمي ضده وإثبات واقعة التحرش اللفظي ليكون عبرة لزملائه، وخصوصاً أنّ لعبد المقصود تصريحاً شهيراً ينفي فيه «أخونة» ماسبيرو ويقول إنّه كان يتمنى وجود إخوان داخل المبنى ليستعين بهم، فهم أفضل كفاءات مصر وهي شهادة تحتاج إلى إعادة نظر بعد واقعتي زينة يازجي وندى محمد.

http://videohat.masrawy.com/view_video.php?viewkey=9f8ddfc3108720bab449