باريس | تنطوي جائزة «بوكر» قبل كل شيء على الكثير من الجهد والتدقيق. قرأت لجنة التحكيم 132 رواية، وتطلبت المرحلة الأولى أن يختار كل عضو من أعضاء اللجنة 20 اسماً تقريباً من أجل إصدار القائمة الطويلة التي تألفت من 16 اسماً. وقد لاحظت اللجنة أن ثمة اسماء تكررت في خيارات جميع الأعضاء، وكان ذلك إشارة واضحة إلى تقارب وجهات النظر في التركيز على نوعية الأعمال المرشحة، وقيمتها السردية والفنية. وبعد مناقشة مستفيضة ومفصلة، وبالتصويت السري، قُلِّصت الأعمال المختارة إلى ست روايات دخلت القائمة القصيرة، وهي الروايات التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات.
كان لافتاً هذا العام بخلاف السنوات الماضية أنّ الروائيين الستة ينتمون إلى ستة بلدان عربية مختلفة.
في مقابلة مع «الأخبار»، يؤكّد صبحي البستاني، عضو لجنة تحكيم «بوكر»، ومدير قسم الدراسات العربية في «المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية» في باريس أنّ الشائعات والضغوط التي تحوم حول عملية اختيار الفائز غير صحيحة. وأضاف أنّ «أسماء اللجنة ظلت سرية حتى إعلان القائمة القصيرة، لكي نحمي أنفسنا من التدخلات والضغوط الخارجية. أنا شخصياً كنت أجهل وجود مجلس الأمناء الذي يدير الجائزة. أستطيع أن أشهد أنّ أحداً لم يحاول الاتصال بي، لا دور النشر ولا غيرها، وأن لا شيء في الكواليس».
هكذا، يبدو أنّ جمالية الرواية كانت المعيار الوحيد المعتمد للاختيار. لا جنسية الكاتب ولا جنسه ولا شهرته أُخِذت في الاعتبار أثناء المداولات. بالتالي، استبعدت أسماء معروفة جداً مثل هدى بركات أو الياس خوري في القائمة الأخيرة. وفي هذا الجانب، يفرّق صبحي البستاني بين جائزة «بوكر» والجوائز التي تأخذ مسيرة الكاتب كلها في الاعتبار كجائزة نوبل مثلاً. «بوكر» تستند إلى الرواية المرشحة بحد ذاتها، ويضيف «حاولنا جميعاً أن نكون موضوعيين، وإن كانت كل موضوعية بحد ذاتها تنم عن ذاتية، فلكل عضو من أعضاء لجنة التحكيم قناعاته وتصوره للرواية».
في السياق ذاته، لم تؤخذ الموضوعات التي تطرقت إليها الروايات في الاعتبار. ثورات الربيع العربي التي صارت موضوعاً جذاباً ومطلوباً حالياً، لم تكن سبباً مضموناً للفوز بنظر لجنة التحكيم التي أثار وجود اسم رسام الكاريكاتور السوري علي فرزات فيها بعض الجدل. يوضح البستاني أنّ «الروايات التي تعالج ما يُسمى «الثورات العربية» لم تظهر نضوجاً كافياً ليتمكن من تحقيق رؤية اجتماعية وجمالية. راودنا انطباع بأنّ التحدث عن الثورة واجب، مما سبب تأثيراً أشبه بالتلصيق في البنية الروائية».
وعن اختيار فرزات الذي لا ينتمي إلى عالم الرواية، يقول البستاني «إنّ مجلس الأمناء كانت لديهم رغبة في لجنة تحكيم متعددة التخصصات. وفي هذا السياق، شكّل علي فرزات من خلال عمله الذي جسّد فيه المجتمع عبر الفن الكاريكاتوري، وجهة نظر مثيرة للاهتمام. خلال مناقشاتنا، كان يشدد على «تلقّي» القارئ للنص، وهو أمر مهمٌ جداً. لا وجود للرواية من دون قارئ. وقد تناسبت قائمة الروايات التي اقترحها مع قوائم الأعضاء الآخرين في اللجنة، وهذا خير دليل على أنّه قادر أن يصدر حكماً جيداً على نوعية الرواية».



الجائزة والفائزون

يعلن اليوم عن الفائز في الدورة السادسة من «الجائزة العالمية للرواية العربية» التي تعدّ النسخة العربية من الجائزة البريطانية المرموقة. ممولة من «هيئة ابوظبي للسياحة والثقافة».
وسيحصل الفائز على مبلغ خمسين ألف دولار أميركي، إلى جانب تأمين ترجمة روايته إلى العديد من اللغات. وقد فاز في الدورات السابقة كل من الروائي المصري بهاء طاهر عن «واحة الغروب» (2008)، والمصري يوسف زيدان عن «عزازيل» (2009)، والسعودي عبده خال عن «ترمي بشرر...» (2010)، كما راحت مناصفةً للديبلوماسي والروائي المغربي محمد الأشعري عن «القوس والفراشة» والسعودية رجاء عالم عن «طوق الحمام» (2011)، وأخيراً اللبناني ربيع جابر عن «دروز بلغراد» (2012).