القاهرة | بعد أقل من ثلاثة أشهر على إغلاق مجلة «السياسي» الصادرة عن «مؤسسة المصري للطباعة والنشر»، قررت المؤسسة نفسها وقف إصدار جريدة الـ Egypt Independent الأسبوعية الناطقة باللغة الإنكليزية ورقياً، والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية في إطار خطة لإعادة الهيكلة والتطوير. وبذلك، تتحول غرفة أخبار «مؤسسة المصري» إلى غرفة أخبار مدمجة، تقدّم خدمة صحافية بوسائط مختلفة وبأكثر من لغة، تماشياً مع التطورات الحديثة التي تشهدها صناعة الصحافة في العالم. ووفق البيان الصادر عن المؤسسة التي لم يعد لها في سوق المطبوعات إلا جريدة «المصري اليوم» (أبرز الصحف اليومية الخاصة في المحروسة وأكثرها توزيعاً قبل الثورة وبعدها)، فإنّ توقف مطبوعتين أسبوعيتين داخل مؤسسة واحدة أمر لا يتعلق بما يدور داخل جدرانها فقط، بل يعكس الصورة المهتزة لحال الصحافة المطبوعة في مصر عموماً بعد سنتين وأكثر من سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. فيما كانت التوقعات تشير إلى انتفاضة صحافية مطبوعة وإلكترونية بعد تحرّر مصر من الحكم الفردي، جاءت خيبة الأمل السياسية والاقتصادية لتدفع الجمهور للحصول على الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي من دون الحاجة إلى قراءة الصحف. هذه الأخيرة حققت انتعاشاً كبيراً خلال الأيام الأولى من «ثورة 25 يناير».
إلى جانب مجلتي «السياسي» و«إيجيبت اندبندنت»، فقد توقف قبل أسبوعين الإصدار اليومي لجريدة «الصباح» بعد قرابة ستة أشهر على انطلاقها، مكتفيةً بالإصدار الأسبوعي. وسرعان ما استقال رئيس تحريرها وائل لطفي احتجاجاً على تراجع الإدارة عن وعودها للصحافيين الذين صرفوا من دون تعويضات. وقد تحولت جريدة «وشوشة» المتخصصة في أخبار النجوم وأسرارهم إلى موقع إلكتروني، بحجة «توفير نفقات الطباعة»، لتبقى منافستها جريدة «عين وحيدة». الجريدتان تنتميان إلى «صحافة التابلويد» التي ترتكز على الصور والفضائح والعناوين الساخنة بشكل أساسي، فيما تعاني جريدة «نهضة مصر» من عثرات لا حصر لها.
الجريدة المملوكة من الإعلامي الشهير عماد الدين أديب تصدر «حسب الظروف» كما يقول العاملون فيها، كما أنّها لم تحقق أي حضور في سوق الصحافة منذ صدورها، فضلاً عن أنّ معظم القرّاء يجهلون وجودها أصلاً! وإذا كانت كل الصحف المتعثرة تنتمي إلى الصحافة الخاصة، فالخطر ليس بعيداً عن الصحف الحكومية التي تغرق يوماً بعد يوم في المزيد من الديون، تماماً كما كان يحدث في عهد مبارك، مع فارق أساسي أنّ النظام الإخواني لا يبدو مستعداً لإنقاذها في اللحظات الأخيرة.
هنا، لا بد من الإشارة إلى أنّ عمال الطباعة في مجلة «المصور» صدرت عام 1924) كانوا قد منعوا طباعتها للمرة الأولى في تاريخها قبل أسابيع بسبب مطالب مادية، في ظل معاناة كل المؤسسات الصحافية الحكومية لتوفير رواتب موظفيها مطلع كل شهر.