الدار البيضاء | لا يزال أحمد عصيد (1961 ــ الصورة)، يتعرض لهجمة من محسوبين على التيار الإسلامي المغربي الذين يتهمونه بوصف النبي بـ«الإرهابي» خلال ندوة قدمها ضمن مؤتمر «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» قبل أسبوع. الضجة التي أثيرت حول تصريحات أحد أهم المثقفين في المغرب الذين اشتهروا بدفاعهم عن المواطنة والدولة المدنية، أدّت إلى حملة تكفيرية واسعة ضدّه، استمرت في «جلده» وإلباس كل التهم به، بما فيها العمالة للغرب! أما السلفيون، فقد شنّوا انتقادات أشرس على عصيد. عبد الباري الزمزمي، الفقيه الشهير بفتاواه الغريبة وصفَ كلام عصيد بـ«الكذب والافتراء والكراهية للإسلام». ودعا المعتقل السابق بتهمة الإرهاب محمد الفيزازي، إلى محكامة عصيد بتهمة «ازدراء الدين الإسلامي». الهجمة لم تتوقّف هنا، بل تعالت الأصوات الداعية إلى قتل الكاتب والباحث كما ورد في هذا التعليق على الفايسبوك: «لو كان بيدي، لفديت نفسي لدين الله ولجاهدت فيك وفي الملحدين والمرتدين عن دين الله يا أكبر الجاهلين». لكن ما الذي أثار كل هذا الحقد على رجل معروف بنزوعه إلى الحوار مع كل أطراف المجتمع وبمناظرته لمشايخ السلفيين؟ وصف عصيد رسالة «أسلم تسلم» التي بعثها النبي إلى هرقل بـ«الإرهابية» بمعايير عصرنا الحالي. وتحدث عصيد عن الرسالة في سياق الندوة التي تمحورت حول منظومة حقوق الإنسان وحرية المعتقد، والتناقضات التي تحملها المناهج الدراسية المغربية. ورغم أن دروس التربية الإسلامية تضم أفكاراً عن الإسلام المتسامح والمسالم، إلا أنّ الرسالة بمعايير عصرنا قد تفهم على أنها رغبة في إخضاع الشعوب الأخرى بالقوة، وأنه لو بعثها شخص ما في هذه الفترة إلى رئيس دولة، ستعتبر إرهاباً. وأضاف إنّه يجب قراءة هذه الرسالة في سياقها التاريخي الذي عاصره النبي. ولم يتراجع عصيد عن مواقفه. صرّح «أنا لم أقل إن النبي إرهابي. هذا يتناقض مع مبادئي. منذ 36 سنة، وأنا أناقش ولم أمسّ أي دين أو أي نبي. هناك أناس لديهم احتقان إزاء فكري الذي ينتقد استعمالات الدين في قضايا السياسة والمجتمع، وليس الدين». وتتزامن هذه الهجمة مع تعالي أصوات الحقوقيين إزاء تقلص هامش الحريات، وخصوصاً مع فتوى «المجلس العلمي الأعلى» (المؤسسة المخولة للإفتاء في المغرب) التي أجازت قتل «المرتد عن الدين الإسلامي». جمعيات كثيرة دافعت عن عصيد، وأصدرت بيانات أجمعت على حق الاختلاف وحمّلت الدولة مسؤولية حماية سلامته الجسدية.