القاهرة | مكاسب عديدة حقّقتها الدورة الثانية من «مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة» (دي ــ كاف) الذي اختتم أعماله أخيراً في القاهرة بعد أكثر من 24 يوماً أمضاها عشاق الفنّ المعاصر وهم يلهثون وراء عروض اتسمت بالجدية والمغامرة. أول مكاسب هذه الدورة ارتبط بنجاح منظّميه في إعادة استغلال فضاءات عامة عدة وتهيئتها أمام جمهور بين ملاهٍ ليليلة ظلّت مغلقة مثل مسرح «شهرزاد» في الالفي أو قاعات عرض سينمائي غير مستعملة كما حصل مع «سينما قصر النيل» و«راديو» في وسط القاهرة، وفندق «فينواز» الذي يتاح للعرض الموسمي. كذلك، نُفِّذت عروض الرقص ومسرح الطفل في ساحات عامة. وقد نجح المهرجان في استقطاب فنانين محترفين يعملون في وسط تجاري للوصول الى الاقاليم، لا سيما البدرشين، ومحافظة أسيوط في جنوب مصر.
خطوة تحسب لمدير المهرجان أحمد العطار الذي أكّد لـ«الأخبار»: «كان المهرجان حلماً استنفد جهداً كبيراً لإنجازه كي نقول لأنفسنا إننا قادرون على فعل وتقديم أشياء مختلفة نفتخر بها كفنانين ومنظمين وجمهور، ولنثبت أنّ قدرنا ليس الفشل، وأننا قادرون على النجاح والقيام بأمور أخرى تتجاوز الاخطاء التي وقعنا فيها في الماضي». ويرى العطار أنّ الدورة الثانية من المهرجان نجحت في جذب ضعف الجمهور مقارنةً بالنسخة السابقة التي أقيمت العام الماضي.
شهدت دورة هذه السنة مضاعفة مدة المهرجان لتبلغ أربعة أسابيع تقريباً بدلاً من ١٥ يوماً، وجالت على المحافظات في أسيوط والبدرشين في محاولة للتأكيد على رسالة المهرجان للوصول بالفنون المعاصرة إلى الجمهور المصري.
واستضافت الدورة التي انتهت قبل يومين عروضاً من ألمانيا وفرنسا والدنمارك وهولندا وبريطانيا وتونس، وتنوعت بين الفنون الأدائية والمسرحية والحفلات الموسيقية والفنون التشكيلية والبصرية وعروض الشارع، وشارك في المهرجان 93 فناناً عالمياً و90 مصرياً.
وانقسم المهرجان إلى ثلاثة أقسام: الأول الفنون الأدائية التي تضمّنت عروض المسرح وأشرف عليها أحمد العطار وضمت 15 عرضاً، وهناك العروض الموسيقية التي أشرف عليها الفنان محمود رفعت وبلغت 14 حفلة، أبرزها عربياً أمسية ضمّت دينا الوديدي من مصر، وآمال الملثوثي من تونس. وأخيراً، جاء قسم الفنون البصرية الذي أشرفت عليه ميا يانكوفيتش، مديرة «مركز الصورة المعاصرة» في مصر.
يرى العطار أنّه نجح في نسخة هذا العام في توفير مصادر تمويل بديلة بعدما قوبل بتقاعس الجهات الحكومية في وزارتي السياحة والثقافة. ويشير الى أنّ شركات من القطاع الخاص بادرت إلى مساعدة المهرجان، في مبادرة تشكّل أملاً بالمستقبل لجذب القطاع الخاص إلى تمويل هذه المهرجانات. ويوضح العطار أنّ الكلفة التقديرية للمهرجان لم تتجاوز 350 ألف دولار أميركي تمت تغطيتها بالكامل من رعاة وهيئات تمويل تعمل في المنطقة العربية في مجالات الفنون. ويرى العطار أنّ جانباً من طموحه يتعلق بإعادة إحياء وسط البلد كمنطقة ثقافية وفنية. مغامرة سبقته اليها مهرجانات أخرى أبرزها «مهرجان النطاق» الذي لم يتمكن منظموه من تثبيته كحدث ثقافي. ويشير العطار الى أنّ تجربة المهرجان في تقديم عروض في الاقاليم كانت مغامرة ناجحة بكل المقاييس.
وشهد الاحتفال الختامي مسابقة «قم بحركتك» التي تنافست فيها ثمانية عروض رقص معاصر، إضافة إلى عرضين خارج المسابقة، وعرض فيه ١٣ فيلماً قصيراً صوِّرت بالخلوي ضمن ورشة التصوير بالموبايل. وفاز عرض الرقص المعاصر «تابع» للفنان محمد الديب والراقصة ليسيا ميلكي (ساشا) بالجائزة الأولى في مسابقة «قم بحركتك»، متحدثاً عن الانسان وصعوبة تحقيق أحلامه، فيما فاز في المرتبة الثانية عرض «أولوية» لمصممة الرقصات شيرين حجازي، الذي قدمه الراقص محمد محمود السيد (تايجر) والراقصة سمر عزت. كذلك نال العمل الذي يحكي صراع الأولويات في حياتنا جائزة الجمهور. وأقيمت المسابقة في «مسرح الفلكي» في «الجامعة الأميركية في القاهرة» بالتعاون بين «دي ــ كاف» و«مركز سفالهولم للتبادل الثقافي الدنماركي والفنون الأدائية» الذي تشرف عليه مصممة الرقص الدنماركية نون سفالهولم، وحصل العرض الأول على منحة للتدريب في الدنمارك، بينما نال عرض المركز الثاني فرصة لتقديمه في المحافظات المختلفة.