عند الثالثة من فجر السبت الماضي، اشتعل قاسيون. الجبل المطلّ على أقدم عاصمة في التاريخ الذي احتلّ قصائد الشعراء، تحوّل فجأة إلى كتلة من اللهب. وسرعان ما انتقل المشهد إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فبدا كأنّه طالع من أحد أفلام الخيال العلمي. حالما تخلّص أهل دمشق من حالة الذعر التي سيطرت على ليلتهم، حتى انهالوا على صفحاتهم الافتراضية التي أشعلت مواقع التواصل بسيل جارف من تعليقات متناقضة لم يجف حتى الآن. الخوف الذي عبّر عنه مثقفون سوريون في بداية الأزمة صار حقيقة: لقد جاء ذلك اليوم الذي "نصفق فيه لإسرائيل". وبالفعل، خرجت أصوات التكبير بينما كانت الغارة الاسرائيلية تدك ستّ نقاط حساسة للجيش السوري، تلاها تهليل افتراضي للعدوان وحملة إعلامية ممنهجة قادها عبد الرحمن الراشد. عبّر رئيس تحرير قناة "العربية" عن سعادته بالهجوم الاسرائيلي على قوات النظام السوري في مقال كتبه في جريدة "الشرق الأوسط" السعودية. طبعاً، لم يخجل هؤلاء من الترويج لاسرائيل. لمَ لا، وقد سبق للراشد أن فعلها أكثر من مرة! في مكان آخر، ظل عزمي بشارة على نهجه الجديد، وغرّد مهاجماً النظام السوري: "مقاومة ضد من؟ ومن هو هذا العدو الذي كان يمكن أن يرتكب في سوريا هذا القدر من المجازر؟". وهنا سارعت "الثائرة" اليمنية توكل كرمان لنقل التعليق حرفياً عبر حسابها على تويتر قبل أن تنزع حزام الأمان وتهوي إلى درك التهور. اعتبرت صاحبة "نوبل" أنّ السلاح السوري ملك لبشار الأسد وأنّ الجيش السوري هو جيش النظام والعائلة الحاكمة. ثم ضربت بسيف سلمها يمنة وشمالاً ودافعت عن العدو الاسرائيلي بمنتهى الوقاحة، فكتبت عبر حسابها على تويتر: "عدد الشهداء الذين قتلهم بشار الأسد خلال عامين من الثورة هم خمسة أضعاف من قتلتهم اسرائيل خلال كل حروبها في المنطقة". طبعاً لم تتعب "سوبر ستار" الربيع اليمني نفسها بإعطاء أي إحصائيات ولو تقريبية. حفلة جنونها وصلت إلى الاستخفاف بنصر المقاومة اللبنانية وتحرير الجنوب وإنكار دماء الشهداء الذين سقطوا في مواجهة اسرائيل، فغردت: "أسد المقاومة والممانعة حرّر بضع كيلومترات مربعة في جنوب لبنان ومكافأة له استعمر لبنان كلّه، إنه المندوب السامي". لم تمر كرمان على دماء الشعب الليبي اليوم ولم تجرؤ على انتقاد الإسلاميين الذين يخنقون تونس، ولم تعد تخبرنا شيئاً عن ثورة بلادها وخضوعها لوصاية أميركية سعودية! كما أنّها صمتت عن سياسة بلاد العم سام، فالثائرة اليمنية تفرغت "لنصرة" الشعب السوري ولو تحالف مع الصهاينة! في ضفة مقابلة، كان معارضون ومثقفون سوريون يبذلون جهودهم للوقاية من السعار الحاقد. هكذا، اعتبر المعارض هيثم مناع من خلال صفحته على الفايسبوك أنّ القصف الإسرائيلي هو جريمة وإعلان حرب من جانب واحد وأكمل "بالنسبة للمرتزقة من أعضاء حزب "فليأت الشيطان"، فليسوا من الثورة الديمقراطية الوطنية المدنية في حال باعوا قرارهم بدنانير وكانوا قادرين على بيع الوطن والمواطنة والكرامة بدراهم".
في حين بدا ملفتاً ما قاله السيناريست نجيب نصير عندما وجه تحية إلى الشاعر اللبناني خليل حاوي الذي أطلق الرصاص على نفسه عشية الاجتياج الإسرائيلي لبيروت عام 1982، فرد عليه أحد أصدقائه بتوجيه التحية إلى المناضل والشاعر السوري كمال خير بك الذي اغتالته اسرائيل سنة 1980. من جهة أخرى، كان ملفتاً دخول نجوم الدراما السورية على الخط رغم أن بعضهم التزم الصمت على مدار الشهور الطويلة. النجم الفلسطيني السوري عبد المنعم عمايري قال عبر صفحته الشخصية على الفايسبوك: "لن أدخل في السجال السوري السوري فأهل مكة أدرى، رغم ما يعتصرني من ألم في كل لحظة. لكن عندما يكون السجال حول إسرائيل، فليسمح لي الجميع فهي عدوي الأزلي والوحيد".
ونددت تعليقات عدة بجرائم الاسرائيلي من دون أن تغفل جرائم النظام، لكن لم يفلت هؤلاء من الهجوم والانتقادات اللاذعة... فأي صوت متعقل وحرّ في هذا الجنون العارم ستلاقيه سهام التخوين العشوائية!
5 تعليق
التعليقات
-
من المؤسف ان تتم قراءةمن المؤسف ان تتم قراءة الإعتداء على سوريا من قبل مواطنة سوريةبهذا المنطق الذي لايرقى الى المسؤولية الوطنية وحقد يغلب المنطق في قراءة الحدث خاصة وان المعتدي هو الكيان الصهيوني الغاصب ، الكيان الذي تجرأ على استخدام القنبلة القذرة( قنبلة اليورانيوم المنضب) الذي يلوث الأرض والهواء وينشر الموت في كل مكان لسنوات قادمة كما حدث في العراق الذي مازال يدفع من صحة اطفاله ومواطنية منذ حرب عاصفة الصحراء عام 1991 مروراباحتلال العراق عام 2003 وحتى الآن. عند مراجعتي لتعليقات مواطنة سورية فوجئت بهذا االرد!
-
زهرة الربيعتوكل كرمان زهرة من زهرات الربيع العربي الذي اطاح باعتى الحكام المستبدين وسيطيح بالمزيد منهم حتماً وما قالته لا يفسر بالطريقة المغرضة هذه، ناقشوا ما قالته ودون إحصائيات بالتأكيد العدد الذي قتله النظام أكبر بكثير
-
مواطنة سوريةعندما نريد أن نتحدث عن الغارة الإسرائيلية على سورية فهي عمل دنيء لا يدافع عنه إلا خائن أوعميل..إلا أنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها اسرائيل بقصف سورية، فقد قامت بهذا العمل مراراً وتكراراً، واعتاد الشعب السوري على أن نظامه سيرد في الزمان والمكان المناسبين!!! إن النظام قادر حالياً على توجيه ضربة صاروخية للعدو الصهيوني إلا أنه لن يفعل كما لم يفعل أبداً، وإن قيامه خلال الشهور الماضية بسحب بعض القطع العسكرية من جبهة الجولان بحجة الصراع الداخلي إنما هي رسالة لإسرائيل وتهديداً لها بأن جبهة الجولان (في حال زوال النظام) لن تبقى هادئة ومستقرة كما كانت خلال 40 سنة.. فلا أجد داعياً للبكاء والنحيب على هذه الغارة ..فالأحرى أن نبكي على 7 مليون مشرد سوري، وأكثر من 80 ألف شهيد، وأن نبكي على بنية تحتية قام النظام بتدميرها بالكامل خوفاً من زوال السلطة من يديه، وأن نبكي على مجازر طائفية أشرف عليها النظام بكل جدارة في جديدة عرطوز وبانياس وداريا وعشرات المناطق الأخرى.
-
اليس صحيحاًسيد / وسام اليس صحيحاص ما ذكرته المتوكل بان عدد من ماتوا على يد العصابة التي تحكم سوريا وبسببها على ايدي العصابة الاخرى التي تقاتلها الآن أكثر من عدد من استشهد من السوريين في حربهم مع اسرائيل؟ هل دمرت اسرائيل بسوريا قدر ما دمرته هذه العصابة ؟ ليس دفاعاً عن المتوكل ولكنها هنا لا تقوم بعمل بحث احصائي ولكن الموضوع واضح بالنسبة لنا نحن السوريين ودون الحاجة لتوظيف هذا الاعتداء السافر من عدونا الاول في مواجهة الشهب السوري الان للاعداء الثانيين عصابة النظام وعصابة المعارضة????
-
فعلا شي بيخجل بيشتروا اصواتفعلا شي بيخجل بيشتروا اصوات بجوائز ....مين هاي توكل وشو عملت وشو فدمت حتى تنقد السيد حسن نصرالله ؟ فعلا صرنا بزمن الصغار