الرباط | عادت الجائزة الأرقى في الأدب الفرنسي إلى كاتب اشتهر بالسخرية وخفة الظل في وجه العالم. إنّه المغربي فؤاد العروي (1958) الذي نال أخيراً جائزة «غونكور» للقصة عن عمله «الحالة الغريبة لبنطال داسوكين» (2012). إنّه رجل اقتصاد في الأساس. مسار دراسته وحياته كان ليجعله واحداً من محترفي البزات الرسمية وربطات العنق. لكنّه اختار استثمار موهبته في التقاط التفاصيل المضحكة ليكتب بالكثير من السخرية عن المغرب والتطورات التي يعرفها جيّداً. حاز العروي (الصورة) الجائزة عن قصته «L>étrange affaire du pantalon de Dassoukine» التي استعار فيها صورة سروال الممثل مصطفى الداسوكين، أحد نجوم الكوميديا المغربية الذين لمعوا بعد الإستقلال، واشتهر بسرواله التقليدي الفضفاض. يروي العروي قصة موظف شاب يقف أمام اللجنة الأوروبية لشراء القمح لبلده، ليكتشف أن سرواله الوحيد سرق من الفندق الذي يقيم فيه. القصة واحدة من قصص أخرى تتناول واقع الشباب المغربي لجهة اختلاف الشعور بأزمة الهوية والرغبة في الهجرة بين الإناث والذكور وبين الأغنياء والفقراء وفق ما أكدت «دار جوليار»، ناشرة المجموعة القصصية.يتقن العروي الإنطلاق من مواقف مفارقة ليستطرد في الحديث عن حيوات أشخاص من الواقع المغربي. ينحدر الروائي والقاص من أسرة متواضعة، لكنه درس في البعثة الفرنسية. دراسة استعادها بعد عقود في روايته «سنة في ضيافة الفرنسيين» التي رشحت عام 2010 لللائحة الطويلة لجائزة «غونكور» للرواية.
منذ 1996، راكم العروي الأعمال الأدبية بدءاً بـ«أسنان الطوبوغرافي»، و«احذروا المظلّيين»، مروراً بـ«المهبول»، و«اليوم الذي لم تتزوج فيه مليكة»، و«أوكالبتوس الميلاد»، وصولاً إلى «لم تفهم شيئاً عن الحسن الثاني» وغيرها. كلها قصص تستعيد المغرب في العقود الأخيرة، بتطوراته الاجتماعية وشخصياته الغريبة. يتقن العروي نقل تفاصيل حياة هؤلاء وفضائحهم الصغيرة، كما في قصة الطيار الذي ادّعى الجنون ليفر من المؤسسة العسكرية. العروي الوفي للقصة القصيرة، شكّلت هذه الأخيرة جزءاً كبيراً من أعماله الأدبية، لكنّه تنقّل بين أشكال أخرى من الكتابة كالرواية والشعر. نشر ديواناً بالهولندية رشح لـ«الجائزة الوطنية للشعر» في أمستردام، وكتب دراسات منها «المأساة اللغوية في المغرب» (2010)، و«عن الإسلاموية، نقد شخصي للشمولية الدينية» (2006).
دخل العروي عالم الصحافة أيضاً. كتب في مجلة «جون أفريك»، ويقدم برنامجاً على إذاعة «ميدي 1»، من دون أن يبتعد عن أسلوبه الساخر. اليوم يقطن الكاتب الحائز الكثير من الجوائز في أمستردام، حيث يدرّس الإقتصاد والأدب، فيما يتردد على فرنسا وبلده الأم.