كثيرون لم يكونوا قد سمعوا بالسعودي خالد الفرّاج قبل مساء الجمعة، فالرجل (أو كما يسمّي نفسه إعلامياً وكاتباً) أشهر ما يعرف عنه صفتان: أنّه شقيق وليد الفرّاج (الذي يقدّم برنامج «أكشن يا دوري» الرياضي على قناة mbc action)، وأنه يشارك هذا العام في برنامج «واي فاي 4» على «أم. بي. سي»، بعدما كان له «تواجد» على اليوتيوب العام الفائت ضمن برنامج كوميدي بعنوان «نص الجبهة» على قناة «صاحي».
لكن شهرة الفرّاج بلغت أعلى مؤدياتها حينما قرر تقليد شخصية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، فاستضافته قناة «العربية» أوّل الأمر حين كان برنامجه لما يزل على الانترنت فقط. هذا التقليد فتح له الأبواب على مصراعيها: فكان استدعاؤه للمشاركة في برنامج «واي فاي» (وريث برنامج «طاش ما طاش» وسواه من كوميديا «الاسكتش» الخليجية) وتحديداً لإعادة الدور مرّة أخرى، وتقليد السيد من جديد. تحدث الفرّاج وقتها عن «قيامه بذلك لأن هذا أسلوبه في الدفاع عن السعودية في حربها ضد الإرهاب»، وأنه «علينا نحن كخليجيين أن ندافع عن أنفسنا لا أن نترك آخرين يدافعون عنّا»، مشيراً إلى دفاع الكثير من وسائل الإعلام العربي (المدفوع الأجر بالطبع) عن السعودية وحربها في اليمن.
حين عرض الفيديو الأوّل (الأخبار 8/5/2015)، لم يعرف كثيرون عن الأمر، حتى إنه لم يصل لا إلى الإعلام اللبناني، ولا إلى الجمهور العربي عموماً، فلم يتحوّل الأمر إلى «ضجة» كالتي تمنّاها الفراّج، رغم أنّه عاد وكررها (قبل تقليده مساء الجمعة ضمن «واي فاي»)، إلا أنَّ الضجة بقيت على حالها، وإن لفتت نظر السياسيين السعوديين فأعطوه الدفعة (Push) التي يتمناها مبتعداً عن اليوتيوب ومقترباً من الـMainstream مع الـ «أم. بي. سي».
تقنياً، لا يجيد الفرّاج حرفة التقليد كما يدّعي، فبدا في تقليده للسيد يشبه أي رجل دين شيعي يرتدي العمامة السوداء. حاول أن يركّز على نطق السيد لحرف الراء، كما على علاقته مع إيران وأسلوبه المميّز في الخطابة؛ لكن ما خدمه هو ببساطة «شهرة» السيد نصرالله، فأي مشاهدٍ للفيديو يمكنه بسهولة تمييز القصد، وهذه النقطة – حتى في أحلك المواقف- تحسب للسيد، فهو "مشهورٌ" للغاية ومعروف، حتى من قبل أعدائه وكارهيه.
اسكتش ساخر قلّد فيه نصر الله ضمن برنامج "واي فاي"

كان الفرّاج على اليوتيوب قليل الأدب بكل ما تحويه الكلمة من معنى، لم يكن كوميدياً، ولا محترفاً (ومن يشاهد الفيديوهات يمكنه تحديداً أن يركّز على بعض المقاطع المهينة فعلياً) ولا يجيد لعبة البرامج الساخرة، في حين أنه بدا "متماسكا" (على الأقل مبتعداً عن الإهانة المباشرة وإن فعلها في آخر المشهد وهو الذي لا يتنبه إليه كثيرون)، وفي هذا لا جديد، فالكوميديا السعودية حتى اللحظة تعاني من «عدم تطوّر» (ونتحدث هنا فنياً)، فهي لم تخرج من عباءة سلسلة "طاش ما طاش" (المتواجدة منذ أكثر من عقدٍ ونيّف ولم تتطور كثيراً حتى اللحظة)، فكيف ينتج نظامٌ يعادي الفنون ويحتقرها كالنظام السعودي تطوراً فنياً منهجياً؟
في حرفة الأشياء؛ استعمل خالد الفراج وسخريته الشخصية من السيد نصر الله ضمن سياق حرب إعلامية «مفتوحة» يلجأ إليها الإعلام الخليجي الذي ــ وللمفارقة- احتاج لأكثر من ثلاثة أشهر (أو أكثر) للرد على أول خطابات السيد التي توجّهت للأنظمة الخليجية (وتحديداً السعودية). يلجأ الفراج في الفيديو (ضمن برنامج «واي فاي» الذي عرض مساء الجمعة) إلى استكمال ما بدأه في الفيديوهات السابقة التي قام بها عن السيد تحديداً، فيقلّد أسلوب خطاباته المعروف، طريقة كلامه (وتحديداً نطقه لحرف الراء)، طريقة رفع إصبعه، وبالتأكيد ملمحاً للعلاقة مع إيران. تلك الأمور المستهلكة والمعادة (كون الإعلام الخليجي- والممول خليجياً- يتحدث عنها طوال الوقت) لا تعتبر نجاحاً لعملٍ كوميدي، فميزة أي عملٍ كوميدي ببساطة هو "التجديد" لا الإعادة والتكرار.
إذاً، يجهد النظام الخليجي وتحديداً السعودية بكل طاقاته الإعلامية/ المالية والمادية للضغط و"أبلسة" نصر الله وتحميله كل مصائب العالم العربي، فيصبح "قاتلاً" للأطفال على العربية، و«مجرماً يستحق التعزير» على «الجزيرة»، و«مادةً للسخرية» غير الموفقة على «أم. بي. سي»، ولربما حتى لاحقاً من أخرج السعودية من كأس العالم على الـ «بي.إن.سبورت». رغم كل هذا، تبدو هذه المعركة «هشةً» وغير قابلةٍ للربح!