نكهة خاصة تضفيها مشاركة المعدّ الفني المصري ومدير «صندوق شباب المسرح العربي» طارق أبو الفتوح في «أشغال داخلية ٦». بعد سنتين من الأبحاث والعمل، يقدم «معارض» خصيصاً لبيروت. انطلق أبو الفتوح من ثلاثة تواريخ شكلت محطات مفصلية في الفن، وبالطبع السياسة (١٩٥٥ و ١٩٧٤ و١٩٨٩) ليضعها في حاضر بيروت ٢٠١٣.
في ١٩٥٥، كان «بينالي الإسكندرية» الأول الذي طرح التساؤلات الكبيرة بعد سقوط الدولة العثمانية وبدء مرحلة ما بعد الاستقلال، ومستقبل ثقافة المنطقة. إنّها بداية مرحلة فنية جديدة متأثرة بزمن جمال عبد الناصر، وتشكّل مظاهر العدالة الاجتماعية في الفنون، وتبلور الفكر القومي... إنها فترة الحلم. مرحلة طبعتها الحركات النسوية المتأثّرة بهدى شعراوي. أما عام ١٩٧٤، فشهد «معرض السنتين العربي الأوّل» للفنّانين العرب في بغداد. تلك الفترة التي أعقبت حرب أكتوبر كانت تشهد نشاط «منظمة التحرير الفلسطينية»، وبدء التوتر في لبنان مقابل تدفق أموال النفط على السوق العربية وأثرها في بروز الصحراء والرمال والنخيل في الأعمال الفنية، وظهور ضغوط على الفنانين تطالب بفنّ ملتزم. أما في ١٩٨٩ تاريخ سقوط جدار برلين والتحضيرات لحرب الخليج، فقد افتتح «معرض الفن الطليعي» في بكين وأغلق ثلاث مرات قبل أربعة أشهر من أحداث «الميدان السماوي» في بكين.
هكذا، يعيد «معارض» تمثيل المعارض الثلاثة التي نُظّمت في لحظات مفصلية عشية تحوّلات سياسية واجتماعية وفنية، مستضيفاً في كل قسم أعمالاً لفنانين معاصرين. يقول أبو الفتوح لـ«الأخبار» إنّه لا أعمال من الأرشيف الحقيقي للمعارض السابقة، وخصوصاً في بيروت حيث استُنزف مفهوم الأرشيف، بل إنّ المشروع دعوة لـ«لخبطة» الأمكنة والأزمنة. أعمال معاصرة تحاور ثلاثة تواريخ سابقة في مدينة رابعة هي بيروت اليوم. قفزات بين هذه الأمكنة والأزمنة وقواعد أساسيّة حكمت وما زالت تحكم حياتنا الفكرية والثقافية. يستلهم أبو الفتوح مقولة ابن عربيّ «الزمان مكان سائل… والمكان زمان متجمِّد»، ليُسائل المعرض حاضرنا وموقعنا في ظل ظروف سياسيّة واجتماعيّة هي أيضاً تدخل في مسار التحوّل.
لإتمام «المعارض»، دعا طارق أبو الفتوح فنانين يشارك بعضهم بأعمال سابقة، فيما أعدّت أغلبيتهم أعمالاً جديدة خصيصاً لفكرة المعرض. يشارك في المشروع وليد رعد، ووليد صادق، وروي سماحة، وعلي شرّي، ومنيرة الصلح من لبنان، ووائل شوقي وإيمان عيسى، وباسم مجدي من مصر، وأحمد ماطر من السعودية، وخليل رباح ونداء سنقرط من فلسطين، إضافة إلى فنانين من الصين، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة وإسبانيا. الأعمال الموزعة على ثلاثة أقسام في المعرض تضم التجهيز والفيديو والصور والمنحوتات وعروض الشرائح والنصوص والرسوم على ورق والعروض الأدائية. معرض واعد يفتتح يوم ١٧ أيار (مايو) في فضاء «آرثيوم». ويشهد في الأوقات الصباحية حوارات وسجالات على هامش «أشغال داخلية ٦» تحت عنوان «قهوة مع...».

«معارض»: بدءاً من 17 أيار (مايو) حتى 10 حزيران (يونيو) ـــ غاليري Artheum (جسر الواطي ـ بيروت) ـ
للاستعلام: 71/781783