رام الله | لا يقلّ تفاعل الشارع الفلسطيني مع محمد عساف (1989) المشترك في «أراب آيدول» في الضفة الغربية عنه في غزة. تبدو شوارع رام الله هادئة مساء في معظم أيام الأسبوع، لكنها تعجّ بالجماهير نهاية الأسبوع، وهو الموعد المرتقب لظهور عساف (الأخبار 13/5/2013) في البرنامج. سخّرت شركات الدعاية والإعلان في رام الله شاشات العرض التي تملكها لبث «أراب آيدول» مباشرة لأبناء المدينة، حتى المارة في الشوارع يمكنهم سماع فعاليات البرنامج وهتافات الجماهير في كل مكان.
الإذاعات المحلية أيضاً تنقل البرنامج في بث حي. وفي النهار، لا تختلف الحال كثيراً، فصور عساف تملأ الجدران وصوته يصدح في كل مكان، حتى أغانيه القديمة التي لم تنل حقّها في حينه كـ«شدّي حيلك يا بلد» و«راجعين يا وطن»، أخرجت من الأرشيف وباتت تُسمع وسط رام الله عبر مكبّرات الصوت. يوماً بعد يوم، يتضاءل الجدل في الشارع الفلسطيني حول مشاركة المغني الذي أثبت قدميه في البرنامج. فقد أدى أغنيتين وطنيتين إحداهما «يا طير الطاير» التي قدّمها للمدن الفلسطينية شمالاً وجنوباً، وفي الأغنية الثانية «أنا يا قدس»، جسّد ما صرّح به مراراً «أريد لصوتي أن يكون صوت وحدة». يقول عساف لـ«الأخبار»: «حاولت من خلال الموال الأخير إيصال رسالة إلى الجمهور الفلسطيني، نحن شعب واحد، سواء في الشمال أو الجنوب». وردّاً على من يهاجمونه بأنه ينتمي إلى فصيل سياسي، يجيب «أنا لا أنتمي إلى أيّ جهة، أنا ابن فلسطين. لا تهمّني هذه الادّعاءات، ما يهمني هو وطني، وهذه رسالتي كفنان». وعن أسباب غنائه بلهجات عدّة، يوضح «أنا أمثّل بلدي وأعتز بهويتي، لكن أصبح لديّ الآن جمهور في مختلف أنحاء الوطن العربي، وهذا يحتّم عليّ أن أغنّي جميع الألوان». بالنسبة إلى الأغنية الفلسطينية، يعتبر عساف أنها لم تأخذ صداها، ويعزو ذلك إلى تقصير الإعلام تجاهها، ويرى في مشاركته الحالية فرصة لإعادة إحياء ذلك الفنّ. يؤمن بأنّ الفنّ يمكن أن يكون مقاوِماً فعلاً، ويسترجع مقولة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي يعتبر أنّ «الثورة نبض شاعر وريشة فنان وقلم كاتب». رحلة الشاب مع الغناء بدأت منذ الصغر، إلا أنّها لم تكن سهلة. ورغم اجتهاده، لم يكن اسمه معروفاً قبل مشاركته في «أراب آيدول». ثمة فنانون آخرون غير عساف يواجهون المشكلة ذاتها، فالمواهب الفلسطينية موجودة، لكن قلّ من يتبنّاها. يقرّ المغني بذلك، قائلاً «الإبداع في فلسطين لا يلقى اهتماماً»، ويعزو ذلك إلى قلّة الإمكانيات «أنا وصلت بتعبي وجهدي»، ولا ينسى أن يوجّه رسالة باللهجة الفلسطينية إلى أقرانه الفنانين «ما تضلّوا قاعدين بالبيت».
هذا التفاعل الشعبي مع عساف، ينسحب إلى مستويات أخرى. شركات عدّة أعلنت عن حملات دعم للشاب، وتعدّى الأمر ذلك ليخلق نوعاً من المنافسة في ما بينها. شركتا الخلوي الكبريان في فلسطين «جوال» و«الوطنية»، أعلنتا في البداية عن خفض سعر الرسالة إلى أقل من النصف. ولاحقاً، سارعت «جوال» إلى تقديم نفسها على أنها «الراعي الرسمي» لمشاركة عساف، بعد توقيعها اتفاقية مع شركة «أصايل للإنتاج الفني والإعلاني» التي بدورها قدّمت نفسها راعياً إعلامياً، فردّت شركة «الوطنية» بخفض سعر الرسالة إلى مستوى قياسي. أما مصرف «فلسطين»، فأطلق حملة «صوتك بصير صوتين» لمضاعفة نسب التصويت. بينما تحوّلت فقرات الإعلان في الوسائل الإعلامية إلى مساحة للترويج والتذكير بأرقام التصويت لعساف. على المستوى الرسمي، أعلنت أكثر من شخصية فلسطينية دعمها لعساف، فالأسبوع الماضي، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالاً به، ودعا إلى التصويت له. أما رئيس الوزراء المستقيل سلام فياض، فقد كتب على صفحته على الفايسبوك أنه يتابع عساف ويصوّت له، قائلاً «للمرة الأولى، وبعيداً عن البرامج السياسية أو الإخبارية، أكون متحمّساً لسماع متسابق فلسطيني وتشجيعه في برنامج هواة. نحن كباقي شعوب الأرض، لا بد من أن يكون لنا نصيب في الفرح».
لا يزال عساف يشقّ طريقة عبر «أراب آيدول»، وتعليقات لجنة التحكيم تصبّ في صالحه وكذلك تصويت الجمهور. لكن يبقى السؤال عن مستقبله بعد البرنامج، وهو ما يشكّل التحدي الأكبر بالنسبة إليه، وخصوصاً أنّ مَن سبقوه تضاءل الاهتمام بهم بعدما خفتت الأضواء من حولهم، مثل زميله مراد السويطي الذي لمع نجمه في برنامج «سوبر ستار» عام 2008، لكنه غاب عن الأضواء بعد انتهاء البرنامج. هل تقدّم الشركات والمؤسسات المحلية نزراً يسيراً مما تقدمه لعساف الآن لدعم الموهوبين الفلسطينيين؟ أمام محمد الذي يقف في دائرة الضوء الآن، كم «عسّافاً» يمكث في الظل وينتظر فرصته؟

«أراب آيدول» الجمعة والسبت 21:00 على قناة mbc وlbci



من سوريا الجريحة

يبدو أنّ 2013 هو عام تفجّر المواهب الفلسطينية والسورية في برامج الهواة. إلى جانب محمد عساف في برنامج «أراب آيدول»، لمع أيضاً نجم المغني الفلسطيني أدهم نابلسي (19 عاماً) الذي شارك في برنامج «اكس فاكتور» واختتمت حلقاته أمس، ولقي تشجيعاً ودعماً لافتاً من المغني وائل كفوري. كذلك، برزت مواهب الغناء السورية في «أراب آيدول»، فقد تميّزت فرح يوسف بخامة صوتها، حاصدةً شعبية بين الجمهور، إضافة إلى مواطنها عبد الكريم حمدان الآتي من مدينة حلب الذي أبدع في تأدية المواويل الحلبية.