الكويت | انتبه، أنت لست حرّاً في الخليج حتى لو فكرت للحظة أنك طائر يغرّد على تويتر. خطوط حمراء كثيرة أصبحت اليوم تقيّد الفضاء الافتراضي في تلك المنطقة التي ترصد سجلاتها الإعلامية تقارير منظّمات دولية تقيس حرية الرأي والتعبير فيها. الكويت التي لطالما حازت أعلى ترتيب في حرية الإعلام بين دول الخليج الست، هي «حرّة جزئياً» بحسب تصنيف منظمة «فريدوم هاوس» (مقرّها واشنطن)، وقد احتلت المركز 77 ضمن مؤشر «مراسلون بلا حدود» في تقريرها العام الحالي.
كل ذلك لم يمنع الدائرة الجزائية الثالثة في «المحكمة الكلية» أول من أمس من إصدار قرار يقضي بسجن المغرّدة هدى العجمي 11 عاماً. اتهمت المحكمة الناشطة بأنها قامت خلال آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) الماضيين عبر حساب «أجاويد» على تويتر بالتحريض على «تغيير نظام الحكم من خلال الدعوة الى التجمهر والتجمّع والطعن في حقوق الأمير وسلطته، والتطاول على مسند الإمارة والإساءة إلى مذهب ديني». وبذلك تكون العجمي أوّل امرأة كويتية تواجه تلك الاتهامات وتأمر المحكمة بحبسها. الحكم بحق الناشطة ليس سابقة في المسلسل الكويتي الطويل في محاصرة الصحافة. تعديل قانون الإعلام (الصادر عام 1960) ليشمل بعد 2006 «قانون المطبوعات والنشر الجديد»، صار ينصّ على سجن كل من يمسّ بـ«الذات الإلهية والإساءة إلى الأنبياء والإسلام، والتعرض للذات الأميرية أو المطالبة بإسقاط الحكم». إجراءات تقيّد حرية التعبير وتحدّدها قوانين غير واضحة شملت هذه المرة الإعلام الإلكتروني والصحف. بعدها، أدخل تعديل أخير في عام 2010 يجرّم الحديث في كل ما «يهدّد الوحدة الوطنية».
تعديلات النظام الأميري أعقبتها حملة كارثية أدّت إلى سجن مدوّنين بتهمة «إهانة أمير البلاد عبر تويتر». كما أوقفت مطبوعات محلية وروقبت تقارير تلفزيونية خلال الانتخابات البرلمانية السابقة العام الماضي، تبعها إغلاق صحيفة «الدار» اليومية. هذا إضافة إلى الملاحقة القضائية لقنوات تلفزيونية في قضايا حرية الرأي، وخصوصاً بعد انتفاضة «كرامة وطن» التي خرجت على أثرها تظاهرات في نهاية العام الماضي ضد أمير البلاد صباح الأحمد الصباح للمرة الأولى. فيما دعا وزير الإعلام سلمان الحمود الصباح إلى تنظيم مواقع الإعلام الاجتماعي، منها تويتر في أعقاب قضايا تتعلق بـ«التكفير والطائفية» نُشرت على الموقع المذكور. كما نكر الحمود وجود قضايا نشر ضد الصحافيين في البلاد. لكنّ جمعية «الصحافيين الكويتيين» ناقضته حين أعلنت وجود أكثر من 90 قضية تشهير ضد صحافيين تنتظر حكماً قضائياً في المحاكم المحلية.
المغردون الخليجيون وقعوا ضحية «الذات الملكية والذات الأميرية» غير القابلة للمساس بدستورها. ذات «مقدّسة» تصنع اليوم أقفاصاً لتغريدات ظنّ شعبها أنّها حرة. هنا فقط تتفق جميع المشيخات على وحدة خليجهم الذي صوّروه ضد الثورة والتغيير ولو كانت تلك الحرية قادمة عن طريق تويتر.