وأمس، بصوت يمزج بين الحزن والقرف، أكد حبيب لنا الخبر الذي تناقله قبل أيّام زبائن المقهى البيروتي ومستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي: «الليلة، يغلق «دو براغ» أبوابه». وأوضح حبيب أنّ المكان الذي استوحى اسمه خلال زيارة قام بها إلى براغ حيث «المقاهي تجمع بين مفهوم المقهى والحانة والمطعم في آن» يواجه مشاكل عدّة و«القصّة ما عادت حرزانة».
حلّ «دو براغ» مكان حانة «وردة وتاج» (Rose and Crown) التي اشتهرت «أيّام العزّ» (سبعينيات القرن الماضي) وجمعت طلّاب الجامعات طويلاً قبل أن تنسحب من المنطقة بعد سنوات على اندلاع الحرب الأهلية (1975 ــ 1990).
نجح «دو براغ» في خلق إتجاه جديد في الحمرا، بعدما اجتاحت المنطقة متاجر الألبسة والماركات أجنبية. لكن اليوم، وبعيداً عن الإنفعالات، يبدو أنّ فصلاً جديداً من ذاكرة الحمرا يكتب من جديد. عنوان هذه المرحلة يختصر بـ«فوضى الحانات». بحسب حبيب، فإنّ المنطقة أصبحت «أشبه بغابة تعمّها الفوضى، إن على صعيد أعداد الحانات الجديدة التي وصلت إلى العشرات في وقت قصير، أو لجهة الأوضاع المستجدة»، مضيفاً: «ما عاد بإمكان المرء التنقّل بواسطة سيّارته من شدّة الإكتظاظ». وتابع حبيب قائلاً إنّ «الإشكالات المتكررة وافتقار الحمرا إلى الأمن في الآونة الأخيرة أسهما في تراجع الحركة الإقتصادية».
يصمت رجل الأعمال اللبناني قليلاً، ثم يتابع: «هذه هي النتيجة الحتمية لتفشي الرأسمالية المتوحشة في كل مكان»، لافتاً إلى «العشوائية والإستنسابية التي تحكم عملية منح الرخص». وجاء قرار منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة ليؤزّم الوضع أكثر: «نحن طبّقناه بكل تفاصيله، والآخرون يستفيدون من المحسوبيات». قرار حبيب بإغلاق «دو براغ» أثار حفيظة محبّيه الذين عبّروا عن امتعاضهم على صفحته الفايسبوكية، ليدعو بعضهم إلى التجمّع عند السادسة من بعد ظهر أمس داخل المقهى لإظهار «مدى تأثير هذه الخطوة عليهم وعلى المنطقة، ومحاولة لإقناع حبيب بتغيير رأيه». فهل ينجح هؤلاء في مسعاهم، أم أنّ رائد حبيب طوى هذه الصفحة فعلاً وسيمضي إلى إجازته الطويلة؟
1 تعليق
التعليقات
-
..."الرأسمالية المتوحشة"!!!..."الرأسمالية المتوحشة"!!! وكأن "دو براغ" نموذجاً في الاشتراكية! أو رواده مثلاً!!! هؤلاء الرواد الذين يقفون على يمين الرأسمالية المتوحشة هم وأهاليهم من سارقي البلد... ومن المساهمين بالأزمة المالية التي يعاني منها موسيو "دو براغ". إن تسكير هذه الحانة يسعدنا... يسعد من كان يمر بقربه أيام حرب تموز ويرى "المناضلين" من فناني الجيل الجديد وهم يخططون كيف يستفيدون من مأساة الأخرين للخروج بعمل فني يدر عليهم تمويلاً، أو يغسل ضمائرهم في حال كانت أرباحه يعود ريعها إلى أعمال الإغاثة. إن محلات الثياب أفضل بكثير من "دو براغ" ولو أننا نتمنى أيضاً إفلاسها (ولولا أن قلوبنا لم تكن مع عمالها الفقراء لكنّا ساهمنا بإقفالها... وذلك بعكس "دو براغ" الذي لن نفكّر بالعالمين فيه، أو لنقل بعظمهم، فهُم بالمناسبة من صقور البرجوازية التي تعمل للقول إنها "مكافحة" في الحياة... أما في الواقع فهي تأخذ وظيفة من درب من هم فعلاً بحاجة إلى العمل).