تونس - معركة حرية الصحافة هي الشغل الشاغل للصحافيين التونسيين ونقاباتهم. لا أحد يتصوّر العودة إلى بيت الطاعة الذي حشر فيه الاعلام خلال الحكم السابق. لكن إرادة الاعلاميين في التحرّر تصطدم بضغوط السلطة.
قضية جديدة تشهدها أروقة المحاكم تستهدف الناشط الحقوقي والزميل سفيان الشورابي الذي كان من أبرز مدوّني سنوات زين العابدين بن علي.

في 19 حزيران (يونيو) الحالي، يقف الشورابي (1982) أمام قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية في محافظة قبلي (جنوب) الحدودية، إلى جانب المصوّر لسعد بن عاشور والصحافي محمد مدلة، والممثل القانوني لقناة «التونسية» إلهام الصوفي الترجمان. ويأتي ذلك على خلفية بث القناة تقريراً استقصائياً أنجزه الشورابي في قبلي. تعتبر الأخيرة بوابة الصحراء الكبرى التي أصبحت بعد سقوط نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، مجالاً لتجارة الأسلحة وتهريبها. أثار الريبورتاج الجدل والمخاوف في الشارع التونسي، كما شكّكت مصالح الجمارك في صحته. وعقد محافظ قبلي مؤتمراً حول الموضوع، بعدما بثت قناة «التونسية» التحقيق في ١٦ أيار (مايو) الماضي. وكانت النيابة العامة قد وجّهت إلى الصحافي وفريق العمل والترجمان تهمة «المشاركة في نشر أخبار زائفة من شأنها النيل من صفو النظام العام والإيهام بجريمة». الشورابي نفى كل التهم الموجهة إليه وللفريق، مؤكداً صحة ما ورد في التقرير، وخصوصاً لجهة مهرّبي السلاح بين الجزائر وتونس. وألقى الصحافي اللوم على مصلحة الجمارك، معتبراً أنّها تسعى إلى «توريط الفريق للتهرّب من المسؤولية، بعد الصدمة التي أثارها العمل». في السياق نفسه، اتهم ناشطون السلطة بـ«التضييق تدريجياً على الحريات» التي كانت من بين مطالب الصحافيين الذين حرّرتهم «ثورة الياسمين». وتأتي هذه القضية المفتوحة ضدّ مجموعة من الإعلاميين، بعد مطالبة عدد من نواب «المجلس الوطني التأسيسي» بتشكيل فريق من المحامين لملاحقة الصحافيين «الذين يسيئون إلى صورته»، وفق تعبير بعض أعضائه. طلب المجلس أثار ردود فعل قوية، إذ أصدر الصحافيون المكلّفون تغطية جلسات المجلس التأسيسي بياناً، ووقعوا على عريضة أشاروا خلالها إلى خطورة هذا الإجراء، وتبنّتها «نقابة الصحافيين» على اعتبار أنّ المجلس «يريد استهداف حرية الاعلاميين واستقلالية الصحافة».




المعركة مستمرة
تندرج محاكمة سفيان الشورابي ضمن سياق من التجاذب السياسي حول حرية الإعلام. بعد ولادة «الهيئة العليا للإعلام السمعي البصري»، ما زال هذا الهيكل يناضل من أجل الحصول على مقرّ وميزانية حتى تستطيع الهيئة مباشرة مهامها. وفي سياق متّصل، أصدر «الائتلاف المدني للدفاع عن حرية التعبير» بياناً حذّر فيه من «تضمين الدستور هيئة للإعلام، لأنها ستكون الباب الذي تعود منه وزارة الإعلام سيئة السمعة والهياكل التابعة لها التي كانت تمارس الرقابة وتطبق على أنفاس الصحافيين».