لم يعد الحديث عن الأزمة التي تشهدها إذاعة «الشرق» في باريس مجدياً أو يأتي بنتيجة إيجابية تحسّن ظروف العاملين في الاذاعة أو ترفع معنوياتهم. المشكلة أفضت إلى طريق واحد: لقد ضاق صبر الموظفين المصروفين، فطرقوا أبواب المحاكم الفرنسية. مع تعذّر الحوار وانعدام الثقة بين الموظفين وممثليهم من جهة، ومدير عام الإذاعة جميل شلق بسبب رفضه إعطاء المصروفين في شهر آذار (مارس) الماضي تعويضات مماثلة لزملائهم الذين صرفوا عام 2010 من جهة أخرى، مثلت الاذاعة أول من أمس أمام محكمة الأمور المستعجلة في مدينة نانت في قضية صرف مجموعة من موظفيها.
وقد وزّع العاملون في الوسيلة الاعلامية بياناً ذكروا فيه أنّ قرار الذهاب إلى المحكمة جاء لأنّ «الادارة الجديدة لم تقبل منحهم التعويضات التي سبق أن أعطيَتْ للدفعة الأولى من زملائهم الذين طُردوا سابقاً. وقد تمّ تأجيل الجلسة إلى الثاني من شهر تموز (يونيو) المقبل كي تكتمل الوثائق المطلوبة». لم يجد الموظفون حلولاً أمامهم سوى التوجّه الى المحاكم الفرنسية لضمان حقوقهم، وخوفاً من أن يطال الصرف التعسفي باقي الموظفين لاحقاً (الأخبار 29/3/2013). ولفت العاملون في بيانهم إلى أنه «قبل اللجوء الى المحكمة، حاولوا الاتصال بآل الحريري وعلى رأسهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لكنّهم لم يحصلوا على أيّ جواب».
وأوضح موظف في الاذاعة طلب عدم الكشف عن اسمه أن إدارة الإذاعة رفضت إعطاء الموظفين المصروفين حقوقهم الكاملة التي ينصّ عليها قانون العمل الفرنسي، أسوة بزملائهم الذين صرفوا قبل ثلاثة أعوام، بحجة الازمة الاقتصادية. ولفت الموظف إلى أنّ مديري «الشرق» في باريس يماطلون في القضية، «والثقة بين طرفي الصراع معدومة، ولا مجال للحلّ إلا عبر المحاكم». وفي اتصال مع «الأخبار»، حاول المدير العام للإذاعة جميل شلق التخفيف من خطوة اللجوء إلى المحاكم، معتبراً أنها «أمر طبيعي، وبمثابة نقاش أمام المحكمة بين الموظفين والاذاعة، وقد أجّل بتّ الموضوع إلى الشهر المقبل». ويطمئن شلق إلى أنّ وضع الاذاعة اليوم «جيّد» ولا تزال تعمل بشكل عادي، مبرراً أنّ إعادة الهيكلية للوسيلة الاعلامية جاءت لتتناسب مع التغييرات في السوق الاعلامية الفرنسية التي شهدت خضات عدّة. فقد تركت الاحداث التي مرّت على ليبيا وتونس والجزائر ومصر، تأثيراً سلبياً في الجالية العربية والسوق الاعلانية في باريس. لا ينكر شلق صدور قرار يقضي بطرد 8 موظفين، من بينهم أربعة قد أحيلوا على التعاقد، لافتاً إلى أنّ الموظفين الباقين في الاذاعة يبلغ عددهم 22، معتبراً أنه «رقم يوازي عدد العاملين في أيّ إذاعة أجنبية على الأراضي الفرنسية». يضحك مدير الاذاعة عندما نسأله عن أسباب عدم تمويل سعد الحريري للوسيلة الاعلامية حالياً، مؤكداً أن الاخير لا يموّل الاذاعة، بل إنها تتّكل على نفسها في التمويل، وقد وقّّعت عقوداً للعمل مع شركات فرنسية للتسويق. إذاً، تدخّل المحاكم الفرنسية هو «آخر علاج» كما يُقال، فالثاني من تموز سيكون تاريخاً مهماً، فهل ينتصر الموظفون على سياسة آل الحريري التعسفية؟