صنعاء | وصلوا إلى موقع التواصل الاجتماعي متأخرين! كأنّ أهل السياسة اليمنية الذين كانوا يحكمون البلد أيّام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح يحاولون معرفة كيف استطاعت تلك المساحة الالكترونية المفتوحة مساعدة الشباب على إحداث «ثورة»! تجدهم في مجالس القات يحملون جهاز «آي باد» وينهمكون في متابعة المستجدات على صفحتهم الشخصية. هم خليط من كوادر قيادية سابقة؛ وزراء وضباط في الجيش وسفراء ورجال استخبارات عملوا لسنوات طويلة مع النظام السابق وكانوا يقدمون له آيات الولاء والطاعة ولا يعصون له أمراً.
لم يكونوا يعرفون ما هو هذا الـ«فايسبوك» مالئ الدنيا وشاغل الشباب الذي تحوّل إلى مكتب عمليات علني تتكّون داخله آليات «العمل الثوري»، وأصبحوا اليوم راغبين (بشدّة) في معرفة كيف تسير الأمور في داخله. إلى جانب هؤلاء، نرى أيضاً جماعة أخرى استطاعت الفرار من قبضة الرئيس السابق والانضمام إلى المعسكر المقابل الذي صار اليوم حاكماً. استطاعت هذه المجموعة إعادة ترتيب وضعها والحصول على منصب في النظام الجديد. ومن أجل دوام احتفاظها به، قررت اتخاذ الموقع الأزرق وسيلة لنقد النظام السابق الذي كانت جزءاً منه وسبباً في انهياره والتنصّل من ممارساته، إذ لا يمر يوم إلا ويبثت هؤلاء قدرتهم الكبيرة على «التأقلم» مع المستجدات. هذه الحالات تبرز بين مجموعة قيادات أصولية تربّت على أيدي الإخوان المسلمين (فرع اليمن)، واستطاعت الإنسلاخ عن كل ذلك والانضمام إلى محيط الرئيس صالح. وهي نفسها من انقلبت عليه وعادت إلى بيتها الأوّل حالما اتضح لها أنّ مسألة انهياره صارت أمراً حتمياً، فيما تحتل اليوم مناصب عليا قريبة من الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي. من المهم التذكير بأنّ جزءاً من هؤلاء كتبوا مقالات عن «الرئيس المعجزة» علي عبد الله صالح. واليوم، يلجأون إلى فايسبوك لتطوير مهاراتهم عبر «البوستات» المنتظمة الناقدة للنظام السابق.
«الزعيم» علي عبد الله صالح لم يبتعد بدوره عن الموقع الأزرق، بل أنشأ صفحة يديرها شخصياً بعيداً عن ممارسة أي نوع من الرقابة. يبدو أنه تعلّم «تقبّل الرأي الآخر» لكن بعد انتهاء الزمن الرسمي لمباراة حكم اليمن. يمكن أن نصادف تعليقات على الصفحة عبارة عن نكات تمس شخصه مثل: «سأل مواطن سعودي آخر يمنياً: لماذا يذهب الملك السعودي إلى أميركا للعلاج ويأتي رئيسكم السابق صالح للعلاج في السعودية؟ فيرد اليمني قائلاً: كل واحد يذهب للعلاج عند كفيله» في إشارة إلى تبعية الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز إلى الولايات المتحدة وتبعية صالح إلى الملك عبد الله.
حظيت الصفحة بمتابعة لافتة في وقت قياسي، إذ تجاوز عدد معجبيها 160 ألفاً بعد إطلاقها بفترة وجيزة. وتشهد الصفحة تعليقات ساخرة من روّادغا على ما ينشره صالح كصور مناسبات خاصة كان المواطنون محرومين من مشاهدتها يوم كان رئيساً، إضافة إلى أخرى تظهره وهو يستقبل زائرين وعشّاقاً قدامى، فضلاً عن صور له أثناء ممارسة الرياضة بالزي الشبابي الأنيق. في المقابل، أنشأ شاب يمني صفحة سماها «صفحة اليمنيين اللي ما عملوش لايك لصفحة علي صالح» مخصصة للسخرية من منشورة صالح الافتراضية.