حمل السوريون أمتعتهم واختاروا بيروت لإنجاز مسلسلاتهم. لكن صنّاع الدراما اللبنانية لم يستفيدوا حتى الآن من الخبرات السورية بالشكل الأمثل. صحيح أنّه في هذا العام، ستخرج أعمال مشتركة بين البلدين الجارين، وهناك مخرجون وقّعوا عقوداً مع شركة «سيدرز آرت برودكشن» (المملوكة من صادق الصبّاح) لإنجاز مشاريع متلاحقة (راجع الكادر)، فيما يطلب بعض المنتجين اللبنانيين مخرجين سوريين لتصوير نصوص لبنانية، إلا أنّ كلّ المؤشرات تدلّ على أنّها مجرّد مرحلة عابرة ستمضي من دون ترك أثر في تطور الدراما اللبنانية.
وسط كل ذلك، يحلّ السيناريست والمخرج السوري زهير قنوع ضيفاً على الدراما اللبنانية هذا الموسم، ليقدّم قصة حب بعيدة عما يجري في بلاده، بعدما توقّف عن كتابة مسلسل «وداع» الذي لم يلقَ تشجيعاً من أي جهة إنتاجية أو نجوم سوريين بسبب غوصه في نماذج سورية شوّهتها الحرب الدائرة هناك. اختار قنوع تقديم عمل عادي على أن ينجز نص «المعتقل» ليحكي عن التغريبة السورية بحسب ما كتب في رسالة إلى الأخبار (21/5/2013)، فيما كاميراته ما زالت تدور لتنجز مشاهد «العشق المجنون» الذي كتبه بسرعة قياسية أثناء إقامته في لبنان (إنتاج «مروى غروب» لمروان حداد). وعلمت «الأخبار» أنّ مروان حداد رفض اقتراحات قنوع بأن يكون أبطال مسلسله نجوماً سوريين (ترددت أنباء قبيل البدء بالتصوير عن تأدية السوريين ديمة قندلفت وقيس الشيخ نجيب البطولة). هكذا، وقع الاختيار على يوسف حداد وداليدا خليل، إضافة إلى ريتا حرب وباسم مغنية.
في حديثه مع «الأخبار»، يؤكّد قنوع أنّه كان يسعى لحضور سوري في مسلسله، لكن صعوبة تواجد الأسماء التي اختارها أوصلته إلى اتفاق مع المنتج بأن يكون العمل لبنانياً خالصاً. خلال انهماكه في التصوير في فيلا في قرية بطحا (قضاء كسروان)، يقول لنا: «المكان لافت بجماله ويجعلني دائم التغزّل بطبيعته الساحرة لخلق صورة أكثر إتقاناً». وعما إذا كان المسلسل محاولة لتقليد الدراما التركية، يجيب مخرج «أبو جانتي»: «الاسم ليس مبدئياً، ولا يمكن الحكم على مسلسل من اسمه، رغم أنّه قد يساعد في جذب الجمهور كونه يتناول قصة حب مجنونة وخارجة عن المألوف». أما في ما يتعلّق بفكرة العمل، يلفت قنوع إلى أنّه: «يتطرّق إلى حالات حب من زاوية محددة على علاقة بالوهم الزائد وعدم القدرة على الحكم على المشاعر بسبب التوتر وضبابية الرؤية وتراجع لغة الحب». أهو «الحب في زمن الحرب» إذاً؟ «لا علاقة للقصة بالحروب أو بأي حدث سياسي يحصل في العالم العربي، لكنها قصة حب في أرذل الأزمان» يجيب قنوع.
ينفي قنوع أن يكون تواجده في لبنان هرباً من الحرب الطاحنة التي تدور في بلده، مشدداً على أنّه كما عمل سابقاً في مصر، فإنّه يعمل الآن في لبنان، مرجحاً العمل في أي بلد عربي آخر. ويضيف: «اعتذرت عن ثلاثة أعمال في سوريا، قبل أن أتخذ قرار القدوم إلى لبنان. وعندما أنتهي من العمل هنا، سأعود لأنجز عملاً سورياً خالصاً ينبع من عمق الأزمة». لكن ماذا عن عجز الدراما اللبنانية عن الوصول إلى المشاهد العربي وقلّة إنتاجاتها؟ يوضح قنوع أنّ «المجتمع اللبناني غني جداً، ويمكن أن يمد الدراما بمئات القصص، وهناك خبرات وطاقة حقيقية، لكنّ المشكلة في الميزانيات المتواضعة التي ترصد لها بسبب ضعف سوق العرض وامتناع المحطات اللبنانية عن دعم الدراما والشراكة مع الجهات الانتاجية».
بدوره، يتحدث بطل المسلسل يوسف حداد عن خصوصية العمل مع المخرجين السوريين، موضحاً «أجد اختلافاً كبيراً في العمل مع زهير قنوع بسبب حرصه على عمله وحماسه الكبير واجتهاده، وربما تكمن خصوصية هذا العمل في أنّه هو الذي كتب نصه، ما يدفعه إلى متابعة أدق التفاصيل مع الممثل». يؤدي حداد دور رجل صائغ يدعى «جودت»، ويرى أنّ «هذه الشخصية استثنائية ومختلفة كلياً، ولم يسبق لي أن جسّدت دوراً مشابهاً»، لافتاً إلى أنّه «رجل يعيش في صومعته الخاصة لكنّه حساس جداً وقادر على إعطاء الكثير من الحب، كما يحلم بأن تنصفه الحياة رغم الصعوبات».
لكن في زمن الزلازل العربية وموسم الدماء، إلى أي درجة قد يهتم المشاهد العربي بقصص الحب؟ يرد نجم «من أجل عينيها» بأنّه «كما تتعاطى الدراما مع الوطن والأرض، كذلك عليها تناول العواطف والمشاعر. وفي زمن الحروب والتحريض الطائفي، لا بد من تقديم فسحة من الضوء في الشهر الفضيل عساها تسهم في بلسمة الجراح»، رافضاً التنبؤ بمدى نجاح مسلسله الذي سيعرض في رمضان المقبل على محطة «المستقبل». إذاً، رهان الدراما اللبنانية سيكون على مزيد من قصص الحب لكن بمزاج سوري هذه المرة، فهل يكون خطوة جديدة في مشوارها الصعب؟

«العشق المجنون» على «المستقبل» في رمضان



«لعبة» سامر البرقاوي

وقّع المخرج السوري سامر البرقاوي عقداً مع شركة الإنتاج اللبنانية «سيدرز آرت برودكشن» لإخراج مسلسل «الحب والهوى» الذي كتبته نادين جابر وتؤدي بطولته نادين نجيم. وفي حديث مع «الأخبار» صرّح البرقاوي بأنّه يعكف حالياً على إنجاز مسلسل «لعبة الموت» إلى جانب زميله الليث حجو حتى يتمكن من اللحاق بالموسم الرمضاني، فيما سافر البرقاوي مع فريق عمله إلى مصر لإنجاز ما تبقى من مشاهد المسلسل الذي يعرض على محطة «سي. بي. سي مصر» ومحطات عربية يكشف عنها في الأيام القليلة المقبلة. أما «الحب والهوى»، فسيكون مشروعه الجديد على أن تجمعه مع الشركة نفسها أعمال عدة يجري الاتفاق عليها حالياً.