صنعاء | يجيد اليمنيّون صنع وسائل للهرب من واقعهم اليومي كتناول القات مثلاً أو الهرب إلى واقع غيرهم. وهناك وسائل حديثة أيضاً كالغرق في صفحات الفايسبوك واختراع قصص ونقاشات يقتلون بها وقتهم. لكنّ يوم «30 يونيو» جاء بمثابة فسحة لشباب الفايسبوك اليمني، فساعدهم على الهرب من همومهم الداخلية إلى «استعادة الثورة» المصرية. هو صيد ثمين ولا بد من استثماره جيداً.
بدءاً من أول من أمس، تغيّرت واجهة صفحات الشباب وصارت تحكي بلهجة مصرية. انصبّ النقاش على مرسي والإخوان وما يجري في ميدان التحرير. توزعت المنشورات والصور والتعليقات، متخذةً أكثر من اتجاه بين مؤيد لحركة «تمرّد» وبين داعم لموقف الرئيس محمد مرسي والإخوان و«شرعية الصندوق». الموقف الداعم للإخوان تمثّل في غالبية شباب «حزب التجمع اليمني للإصلاح» (الإخوان المسلمون في اليمن). في «العربية السعيدة» أيضاً، إخوان مسلمون يتحدثون بلغة الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي غرق، وهو يؤكد على «شرعية الصندوق الانتخابي» الذي أتى به إلى الرئاسة.
في المقابل، بدا شباب اليسار اليمني مرتاحين وهم يرون الحشود الكبيرة تحتل شوارع مصر، كأنّ في هذا الأمر انعكاساً سيفعل فعله، ويكبح جماعة إخوان اليمن وسعيهم الدؤوب إلى أكل كامل الثورة اليمنية. هكذا، كتب أحدهم: «اليوم يسقط الإخوان هناك (في مصر) وغداً يسقطون هنا (في اليمن). لا شيء مستحيل». وعلى صفحته على فايسبوك، يعقد يساري آخر مقارنات ساخرة بين قيادة حزب الإخوان في الجهتين وكيف تعاملوا مع شباب اليسار الذين أسهموا في إيصالهم إلى السلطة، مشيراً إلى أنّه «لا دائم إلا وجه الله».
وسط كل هذا، أظهر شباب الإخوان المسلمين اليمنيين قدراً من ضبط النفس، ولم يذهبوا سوى لإظهار شرعية محمد مرسي وعدم الرد على ما كان شباب اليسار يكتبونه على صفحاتهم. وحدها صاحبة جائزة «نوبل» للسلام توكل كرمان ظهرت هذه المرّة متمردة على خط إخوان اليمن وهي القيادية في الحزب وعضو مجلس الشورى فيه. كتبت على صفحتها على الفايسبوك منتقدةً موقف إخوان مصر من شباب الثورة «من الجنون الاستمرار في ارتكاب الخطأ الفادح بالقول إنّهم فلول ومتآمرون وتعطي دليلاً قطعياً بأن الرئيس وجماعته مشروع استبدادي خالص لو خلا لهم الجو. وكلا الحالين يزكّي الثورة ويعجّل بالرحيل». وهو الأمر الذي أوقع كرمان تحت مرمى انتقادات وشتائم من قبل كوادر حزبها الديني ووصل الأمر إلى حدّ كتابة أحدهم معلّقاً «لا تلوموا توكل كرمان، فقد أغرتها جرأة علياء المهدي». لكن ثقل وكمية تلك الشتائم التي تلقتها صاحبة «نوبل» جعلاها تتراجع قليلاً في نهاية الأمر لتنهي يومها وقد كتبت على صفحتها «باقي أن أقول وللإنصاف أنّ اخوان اليمن وحزب الإصلاح أكثر حصافة ووعياً وادراكاً من إخوان مصر. حرصهم على التوافق والشراكة والتزامهم بها يجعلنا نعترف لهم بهذا ونشكرهم عليه».