تزامناً مع القفزة «التاريخية» لمايا دياب في برنامج «سبلاش» على lbci أول من أمس، كان الشعب المصري يقفز قفزة إضافيةً في المستقبل، حاملاً احتمالات ثورة جديدة إلى أم الدنيا، لكنّ جاذبية فخذي مايا دياب ـــ من المنظار اللبناني ـــ كانت أقوى بكثير من الثورة المتجددة للشعب المصري. خلال اللحظة التي ظهرت فيها دياب في البرنامج في وصلتها الفنية الأولى، وبثيابها المثيرة والغريبة في آن واحد، تحوّل الكثير من اللبنانيين على الفايسبوك وتويتر من مؤيدين ومعارضين للحراك الشعبي المصري، إلى مؤيدين (ومعارضين؟) للحراك الجسدي لضيفة splash «الاستثنائية».
لا ملامة طبعاً، عندما يتعلق الأمر بمايا دياب، لكن الظاهرة لفتة للنظر، وخصوصاً أنّ مايا ــ كما ذكر أحدهم على الفايسبوك ـــ تلبس المايوه في برنامجها «هيك منغني» على mtv، فما السرّ في أنها ارتدت فستان سهرة حين قررت القفز في برنامج «سبلاش»؟
الأمر بلا شكّ مثير للجدل. مايا، بفستان السهرة، وبشعر مصفف، وماكياج تام، تقفز في الماء. يحملها مشترك رياضي على كتفيه، ويقفز معها من علو خمسة أمتار. المفارقة أنّ الكاميرا أشاحت عدستها بعد ارتطام مايا مباشرة في الماء، ولم ترنا النجمة المنحوتة بمبضع جرّاح تجميل، والمتأنقة بفستان مصمم أزياء، والمزيّنة بأنامل مصفف شعر، والمطلية بمستحضرات خبير تجميل، في حالة انشطارها في المياه، وتشظّي منظرها (اللوك) وتشوّهه، كما يحدث مع باقي المشتركات من النساء المنسجمات مع أشكالهن الخارجية. فهذه أنطوانيت عقيقي، تبكي على الهواء مباشرة من الفزع. تقف هناك، على ارتفاع سبعة أمتار ونصف متر، وترتجف من الخوف. دموعها تنزل على وجهها، غير آبهة بالكاميرات، أو باحتمالات تخريب ماكياجها. تقفز وتخرج من الماء طبيعية، وتواجه الكاميرات بحالتها ما بعد القفز: مبللة بالكامل ومغسولة من كل آثار التبرج. وهذه أرزة، بسمنتها، وترهّل جسدها، تقفز سعيدة متحدية ذاتها، لكن كل ذلك طبعاً، لا يبرر محاولة لجنة التحكيم ومقدمة البرنامج، صرف ذلك في بنك «النسوية» العالمي، حين يصير النجاح في القفز من علو يصل إلى عشرة أمتار، فخراً للمرأة اللبنانية، وحافزاً لها للتقدم في المجتمع!
الجرأة هنا، ليست في القفز من عل. الجرأة في مواجهة النساء والرجال لأجسادهن شبه العارية، أمام الكاميرات، وأمام هذا العدد الكبير من المشاهدين. الجرأة في «سبلاش» تكمن في لحظة الارتطام بالماء. لحظة الانشطار الكبرى أمام الكاميرات.
مايا دياب لا تستطيع أن تفعل ذلك. رعبها اصطناعي واستعراضي. قفزها في البركة، وعدم ملاحقة الكاميرا لها بعد القفز، لرؤية أثر الماء فيها، محاولة للقول إنّ مايا عصية على الماء. مايا لا تتبلل. مايا لا تنشطر. تبقى كمنحوتة في متحف المشاهير. لا «غبار» عليها، ولا ماء، ولا ندوب، ولا تجاعيد. مايا عالقة في عليائها. لا تريد القفز. لم ترد القفز، وقالت إنها تخشى ذلك. بدا واضحاً انها تخاف أن تترك علياءها. تخاف من «السقوط الحر» في بركة الحقيقة. اللبنانيون مثل مايا دياب. يقدّسون السائد، ولا يريدون له أن يتحطّم. لذلك، كالكاميرا التي اشاحت عدستها عن مايا دياب لحظة سقوطها، يشيحون أبصارهم عن الشعب المصري الذي يقفز في «سقوط حر» إلى حريته. ويبقون مثل مايا دياب، عالقين في عليائهم الزائف، غير قادرين على القفز... إلا في المجهول!