«فلسطين الآن الآن... وغداً» هو العنوان (الشعار) الذي حمله غلاف مجلّة «بدايات» في عددها الخامس الصادر حديثاً (ربيع 2013). بعد عام على ولادتها، كُرّس ملفّ هذا العدد من المجلة لفلسطين، في الذكرى العشرين على توقيع اتفاق «أوسلو»، وذلك «لافتتاح مسارات التفكير النقدي في فلسطين الحاضر والمستقبل ومساءلة موقعها من الثورات العربية وموقع هذه منها»، كما جاء في افتتاحيّة المجلة التي يرأس تحريرها فواز طرابلسي. خلال عامها الأوّل، استطاعت «بدايات» أن تؤكّد حضورها في المشهد الثقافي العربي كمجلة فكريّة ثقافيّة تعيد للمطبوعات الورقيّة مكانتها في زمن تحوّلت فيه وسائل الإعلام إلى الفضاء الإلكتروني، إلى جانب إخراجها الفنيّ المتميّز الذي يلائم بين الشكل الكلاسيكي للمطبوعات الورقيّة، وبين المعاصر، خصوصاً في طريقة تبويب المجلة وتنضيدها. يفتتح العدد الحالي بباب «من باب أولى» الذي نقرأ فيه مقاربة لسليمان تقي الدين حول الأحوال الشخصيّة وأنظمتها، ومقالاً للزميل محمد زبيب يفنّد فيه المكاسب الرمزيّة التي حقّقتها هيئة التنسيق النقابيّة والخسائر الفعليّة التي منيت بها.
وتتساءل ليلى داخلي عمّا إذا كانت الثورة التونسيّة قد أصبحت ثورة مغدورة، بينما ينتقد عبد الإله بلقزيز القيادات الحزبيّة الجديدة في المغرب، ليختتم الباب بحوار طويل مع فواز طرابلسي بعنوان «عن الثورة والحرب في سوريا»، أجراه محمد العطّار. أما الملف الفلسطيني، فيفتتحه بشارة دوماني بمقال «فلسطين ضد الفلسطينيين»، ويتتبّع نوام تشومسكي مسار التخريب الإسرائيلي لاتفاق «أوسلو» في ذكراه العشرين، بينما يكتب كلّ من خليل نخلة، وتوفيق حدّاد، وإصلاح جاد مقاربات حول دور الاقتصاد السياسي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ثم تتحدّث ميسون سكريّة عن السياحة الأكاديمية والاجتياح البحثيّ للمخيمات الفلسطينيّة في لبنان في مقال «الأكاديميا في شاتيلا، مخيّم يرزح تحت الاجتياح البحثي».
ولا يبتعد باب «الثورات بشبابها» عن فلسطين، إذ نقرأ شهادة لرائد وحش عن مخيم فلسطيني تحت القصف، ويروي علاء حليحل تجربة قرية «باب الشمس»، بينما يكتب ياسين سويحة عن الثورة السورية بـ«أنّها أيضاً ثورة اجتماعيّة».
وفي «كتاب»، تطالعنا صونيا ميشار الأتاسي بمراجعة لكتاب الناقد الألماني هانس بلتنغ عن مساهمة العالم العربي ابن الهيثم في النهضة الأوروبية، كما تكتب نور أبو عرفة عن مؤلّف «تاريخ فلسطين في طوابع البريد». وضمن سياق متصل، ينشر العدد في باب «يا عين» صوراً لتصاميم نوال طرابلسي لطوابع بريديّة تحت عنوان «طوابع بريد لفلسطين الغد»، وتكتب غالية سعداوي نقداً لفيلم «موسيقانا» لجان لوك غودار، ويكتب الزميل روي ديب عن اكتشاف حياة الفلسطيني بعدما تشبّع من فلسطين الصورة. وبالوصول إلى باب «ذاكرة»، يقدّم أحمد الصيّاد مقاربته لواقع اليسار اليمني تحت عنوان «اليسار اليمني بين الغفران والنسيان»، وتليه دراسة لآيرين غندزير حول السياسة الخارجيّة الأميركيّة عام 1948والنفط العربي ونشوء دولة إسرائيل.
وتتابع المجلة في باب «حضور الغياب» احتفاءها بأصدقاء رحلوا تاركين خلفهم إرثاً فكرياً وثقافياً، فنقرأ قصيدة لشهيد اليسار التونسي شكري بلعيد حيث يرثي المفكر اللبناني الشهيد حسين مروة، كما نقرأ لموسى البديري وداعه لأكيفا أور مؤسّس المنظمة الراديكاليّة «متسبين» والمناضل ضدّ الصهيونيّة، ويحيي «حضور الغياب» الذكرى المئة لولادة الكاتب اللبناني رئيف خوري من خلال نص لأحمد علبي. أمّا «فيها نظر» فقد احتوى مقاربة لوضاح شرارة حول بناء الدولة الوطنية العربية في قبضة جهاز الاستيلاء العصبي الريعي البيروقراطي «العراق مثالاً وحنّا بطاطو دليلاً»، كما احتوى «خمس أطروحات في الماركسيّة المعاصرة» بقلم فريدريك جايمسون، و«معنى النظرية في النشاط الثوريّ» بقلم سلامة كيلة. وفي «نون والقلم» نجد تحيّة للمسرحي اللبنانيّ الراحل يعقوب الشدراوي عبر نشر فصل من مسرحيّته «الفلاح العظيم»، ونصّاً قصصيّاً لرياض بيدس بعنوان «جدّتي حاجي». وتتابع سمر محمد سلمان أبحاثها في الموسيقى العربية مستحضرة الموسيقار فريد الأطرش في نص «فريد الأطرش ظلمه النقد وأنصفه الناس».