«بيروت... الطريق الجديدة» عنوان يجذب المشاهدين لما تحمله تلك المنطقة من تجاذبات وحكايات تطورت مع الزمن، وهي القلب النابض للشارع البيروتي. كذلك التصقت صورة نمطية عن أهلها في أذهان الآخرين تماماً ككل المناطق اللبنانية... فهل نجح الكاتب والمخرج يحيى جابر في إعادة النظر في تلك الصورة؟ يبدأ العرض في جو رمضاني بيروتي أصيل يدعو الى الاسترخاء عبر إيقاعات جميلة تمهّد لأغنية أحد مبدعي الطريق الجديدة أحمد قعبور بصوت الحكواتي ابن المنطقة زياد عيتاني. ينتقل بنا جابر من العام الى الخاص، أي من الأجواء الرمضانية الى العائلات البيروتية وشخصيات أهلها التي تدغدغ ذاكرتنا بشيء من الحنين.

نراها في مواقف كوميدية مضحكة تدور حول الاحتفالات والعادات وجذور أسامي العائلات وصراعها. نص مسلّ وذكي لكنه لم يعالج الشخصيات خارج إطارها النمطي المحدود بالمواقف الكوميدية و«القفشات»، فحال دون تلمّس إنسانية هذه الشخصيات ومخاوفها العميقة. وقد جسّدها زياد عيتاني بصدق وعفوية، رغم أنّها تجربته الأولى على الخشبة، فأصبح مشخّصاتي ومسحراتي الطريق الجديدة بامتياز.
استطاع جابر ضبط إيقاع الفصل الأول عبر فبركة مواقف قصيرة، من دون أن تحوك قصّة تتطوّر لتشكل حبكة، فانتهى الفصل الأول من دون حدث أساسي. عاد بنا في الفصل الثاني إلى قصة ولادة فريقي «النجمة» و«الأنصار» وجماهيرهما التي عكست الخط السياسي المتغيّر. طول هذا المشهد (نصف ساعة) وأسلوب معالجته قد شكّلا أزمة إيقاع في العرض رغم اللمحات الساخرة والمضحكة. يطال القسم الثاني من هذا الفصل الخط السياسي لأهالي المنطقة، وقد رمز إليه بشخصية أبو العبد الذي انتقل من أبو خالد الى أبو عمار الى أبو شاكر، لكنّه انقطع بمجيء غازي كنعان. عبّر جابر عن إحساس أهل المنطقة باستبعادهم عن خطّ المقاومة يوم التحرير عبر استعادة التاريخ النضالي لأهل المنطقة منذ الستينيات. ربط جابر ذلك الإحساس بالاستبعاد عام 2000 بالغليان في السنوات التالية الذي بلغ أوجه مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ثمّ عزّز جابر فكرة دعم أهالي الطريق الجديدة للمقاومة في حرب تمّوز 2006 وتغاضى عن الانشطار الكبير في الرأي الذي حصل في تلك المنطقة بالذات. كأن جابر قد وقع في دوامة التبرير ورسم صورة الضحية التي ترسمها كل طائفة لنفسها في لبنان. رغم بقاء الصورة النمطية عن الطريق الجديدة، إلا أنّ العرض مسلّ استمتع به الجمهور، حتى إنّ نجاحه أدى إلى تمديد عروضه.



«بيروت... الطريق الجديدة»: 21:30 مساء 23 و25و 26 يوليو و1و 2 و8 و9 أغسطس ــ «مترو المدينة» (الحمرا) ـــ 76/309363