بين مليونية «لا للإرهاب» الداعمة لتفويض القائد العام للقوات المسلحة المصرية عبد الفتاح السيسي في ما سميّ «حقّ التصدّي للعنف»، و«مليونية الفرقان» الداعمة للرئيس المصري المعزول محمد مرسي، لم يختلف مشهد التعاطي الإعلامي مع الحدث عما كانه إبّان تظاهرات «30 يونيو». لكن سُجّل حذر ارتأته بعض القنوات في الذهاب في اصطفافاتها، خصوصاً أنّ المشهد لم يخلُ من خوف وترقّب من احتمال اندلاع أعمال عنف بين الميادين. لذلك، خصّصت بعض المحطات حصّة لا بأس بها للصوت الآخر بهدف التعبير عن مختلف مخاوفه، والمقصود بذلك الاخوان المسلمون. المواكبة الإعلامية للحدث المصري بدأت أوّل من أمس، لكن بخفر خصوصاً أنّ الحدث التونسي المتمثل في اغتيال النائب في المجلس التأسيسي محمد البراهمي فرض نفسه على الشاشات. مع ذلك، أُفردت طاولات نقاش للحدث المصري. هكذا، وازنت bbc في تغطيتها بين الطرفين وعنونت هذه المرحلة بـ «مصر بعد ثورة 30 يونيو».

وكان لافتاً التركيز على المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء المصري هشام قنديل في محاولة لاجتراح الحلول، وعلى ما صدر من البيت الأبيض حول «توخّي أقصى درجات ضبط النفس لمنع أيّ صدام بين مؤيّدي الطرفين». الحدث التونسي أعاد ترتيب أولويات france 24التي أعطته زخماً في تغطيتها لتتوارى التظاهرات المصرية خلفه. وتحت عنوان «الأزمة في مصر»، واكبت القناة الفرنسية الناطقة بالعربية الحدث المصري، مع تركيز على حالة الانقسام التي يعيشها الشعب وسط «مخاوف من اندلاع مواجهات بين الطرفين». اغتيال المناضل الناصري التونسي انسحب على «الميادين» التي أعطته أهمية، لتعود أمس وترسي نوعاً من التوازن في التغطية تحت عنوان «مصر ... المصير». وبخلاف ما حصل في مليونية «30 يونيو» حين تبنّت القناة معارضي مرسي على حساب متظاهري «رابعة العدوية»، عرضت هذه المرة تقريراً يضيء على التحضير لهذه التظاهرات، وقام مراسلها باستصراح الطرفين، ونقل ما يقال في ميدان مؤيدي مرسي الذين أكّدوا على سلمية تحركّهم وتلقّي أيّ هجوم «بصدورهم العارية». تغطية «العربية» لم تختلف قلباً وقالباً في انحيازها لثوّار ميدان التحرير. عنونت المرحلة «مصر .. الثورة الثانية»، وراحت تبثّ كلام شيخ الأزهر أحمد الطيب الداعي إلى دعم تفويض الجيش في كل نشراتها ووقفاتها الإخبارية. كذلك، أفردت طاولة لمناقشة الحدث تحت عنوان «المثقفون والحدث المصري»، أدارته ريما مكتبي مع معارضي الإخوان. أما «الجزيرة»، فقد انصبّ تركيزها أوّل من أمس على توافد أعداد المتظاهرين المؤيدين لمرسي ليلاً من مختلف الأحياء نحو الميادين المخصصة لهم، وتبنّت ما أطلقوه من مواقف وهتافات من قبيل «الشعب يريد إسقاط الانقلاب»، لا سيما في منطقة الفيوم التي دعا متظاهروها إلى «محاكمة العسكر بتهمة ارتكاب المجازر»، وفي الإسكندرية حيث الحشود الكبيرة كما أوردت مراسلة المحطة القطرية. لكن الفاجعة تمثلت في خبر اعتقال الرئيس المصري المعزول لمدة 15 يوماً بتهم التخابر مع «حماس» واقتحام سجون. هذه اللحظة كانت كفيلة بقلب موازين القناة التي استنفرت للتعليق على القرار، فلم تترك عضواً من حزب «الحرية والعدالة» إلا واستنطقته للإضاءة على هذا القرار الذي وصفوه بـ«الباطل». وسط هذا المشهد الفضائي الفائر، غطّت القنوات اللبنانية في سبات، بخلاف ما كانت عليه في التظاهرات السابقة، مع تسجيل خرق «المنار» التي استضافت في برنامجها الصباحي «مع الحدث» أمس أحد قياديي الإخوان الذي انتقد سياسة السيسي وتدخل الجيش في العملية السياسية.