ترسم هبة عقّاد (1981) بالأقمشة. الشغف المبكر بالأشغال اليدوية والخياطة قلّل من حضور الألوان في أعمال الفنانة السورية، إلى أن اختفت تقريباً. شغفٌ بدأ قبل دراستها للفنون الجميلة. لا بد أن الدراسة طوّرت بعض التقنيات في تجربتها، وعززت الخلفية الفنية فيها، لكنها ظلت على هامش شغفها الذي تحوّل أسلوباً وفناً شخصياً. هذا ما نراه في معرضها «ما من شيء تغير» في «غاليري تانيت». يضم المعرض لوحات منجزة بروحية الكولاج، ومجسمات قماشية منجزة بالخياطة ومركّبة على قطع خشبية مناسبة لموضوعاتها. الكولاج والخياطة ظهرا بنسب متفاوتة في مشاركاتها الجماعية، قبل أن يصبحا إعلاناً عن هوية في معرضها الفردي الأول الذي تزامن مع بداية التظاهرات في سوريا، وتحول الوضع إلى حرب أهلية وصراعات دولية. الوضع المتفجّر هجّر الفنانة إلى عمّان حيث قدمت معرضها الثاني العام الماضي، وها هي هجرتها البيروتية تُتوَّج بمعرض ثالث. كأن الفن صار صورة لهذه الانتقالات المأسوية، إلا أنها صورة تتجنب الانعكاس المباشر أو ترجمة الأخبار الدموية العاجلة. لا يزال الفن فناً في الأعمال المعروضة، ولا تزال الفنانة مشغولة بهواجسها التطبيقية واليدوية القريبة من الفنون الشعبية والفطرية، حيث تتجاور الخيوط واللصقات وقصاصات الصحف والخط اليدوي في إنجاز تشخيصات ومساحات تعبيرية يُتعمَّد أن تحتفظ ببعض الركاكة في تأليفها.
ركاكة يمكن ردّها إلى مناخات رسوم الأطفال وتطبيقاتهم المدرسية. الخامات المتنوعة تصبح قماشاً فقط في بعض الأعمال كما في لوحة «عجمي» الشبيهة بسجادة حقيقية، بينما نجد لوحات متجاورة بقياسات صغيرة بعنوان «وجوه» تضم وجوهاً منجزة بالخيوط والأقمشة والورق، بل إننا نرى إبرة وخيوطاً وأزراراً حقيقية مثبتة على أحد الوجوه. في لوحات مثل «دمشق» ومجسّم «شاهد» المصنوع من نعوات قتلى الأحداث السورية، ينكشف الحنين الشخصي والموقف السياسي. لا تتجاهل الفنانة ما يحدث في بلدها، إلا أنها تتقن تحويله إلى مادة لائقة بتقنية أعمالها التي تتسرب إليها مذاقات ومشاهدات بيروتية من إقامتها الحالية. لكن ذلك يخضع لممارسة تطمح إلى خلق طبقات متتالية أو سرديات متعددة في العمل الواحد. هكذا، ينبغي للمتلقي أن ينصت إلى قصص أحياء وموتى وأمكنة متروكة، بينما يتأمل هذه اللوحات التي تُدهشه بخلوِّها من الألوان، واحتفالها بالأقمشة والخيوط.



«ما من شيء تغيّر»: حتى 9 أيلول (سبتمبر) ــ «غاليري تانيت» (مار مخايل، بيروت) ــ للاستعلام: 76/557662