القاهرة | كان لمحمد مرسي والإخوان المسلمين خطايا لا تغتفر. لكن لولا انحياز الإعلام الخاص ضدّه وفشل جماعته إعلامياً، لكانت الجماهير الغاضبة أمهلته ربما فترة أطول في الحكم بدلاً من إبعاده في الذكرى الأولى من وصوله إلى الرئاسة. هذا المثل يفسّر جيداً الأنباء المتداولة في كواليس السوق الفضائية المصرية حول استعداد جهات محلية وعربية وربما دولية لضخ المزيد من الأموال للاستثمار في هذا المجال، رغم الخسائر التي تتكبدها المحطات. الرابح الأكبر هنا هو من يسيطر على عقول المصريين ولو عبر برامج لا تهم المعلنين.
قنوات مثل «التحرير» و«الفراعين» معادية للإخوان والتيار المدني في آن واحد، ومخلصة لنظام حسني مبارك، لا تعتمد في تمويلها على الإعلانات، لكنّها تستمرّ في سياستها من دون اهتمام بالخسائر، فمن ينفق عليها؟ ولماذا؟ سؤال يعرف المراقبون للسوق المصري إجابته جيداً لكنك لن تجد إجابات رسمية عليه.
من أين تأتي هذه الفضائيات إذاً بمصاريف التشغيل؟ ولماذا تتحمل مدينة الإنتاج الإعلامي والشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات» ديون هذه القنوات؟ الإجابة باختصار أنّ هناك من يحمي هذه المحطات، فإذا تغيّر النظام، تخرج أوراق الديون إلى النور فتُغلق هذه المحطات بسند قانوني، كما حاول نظام الإخوان مع «دريم» و«الفراعين»، لكنّه فشل كما فشل في البقاء في الحكم.
مصادر عديدة داخل السوق الفضائي المصري قالت لـ«الأخبار» إنّ استثمارات تراوح بين 200 و300 مليون دولار أميركي تقترب الآن من أبواب مدينة الإنتاج الإعلامي، سواء من خلال دعم قنوات موجودة فعلاً أو تدشين أخرى جديدة يتحكم أصحابها بسياستها التحريرية من البداية. المصادر نفسها تؤكّد أنّ القنوات الجديدة تهدف إلى «دعم اللاعبين الرئيسيين على الساحة السياسية بعد رحيل الإخوان» الذين لن يتنازلوا بدورهم عن قنواتهم الخاصة بعد انتهاء الأزمة السياسية. يحاول بعض المنتسبين إلى الجماعة مثلاً افتتاح قناة جديدة عبر أسماء غير محسوبة رسمياً على التنظيم السياسي الإسلامي. أما مصير قناة «مصر العربية» الإخوانية، فما زال مجهولاً. كان يفترض أن تنطلق المحطة المذكورة باسم «الشمس» تجنباً للاتهامات بالتمويل القطري، لكن الجمود كان سيّد الموقف رغم إطلاق المشروع قبل ستة أشهر، فيما ترجح التوقعات أن تكون القناة الجديدة بعيدة عن الأسماء التي سبق طرحها، تفادياً لحملات مقاطعة متوقعة.
بناء على تلك المعطيات، يرجّح أن يشهد السوق المصري حركة انتقالات واسعة خلال الأشهر المقبلة إذا دُشنت فضائيات جديدة، خصوصاً أنّ الشاشات التي شهدت طفرة برامجية في الفترة الأخيرة لم تحقق الأهداف المرجوّة منها، فهناك خلل حقيقي في الإدارة يتمثّل في شراء هذه القنوات المسلسلات وإنتاج البرامج من دون حسابات دقيقة. أبرز مثال على هذا التخبط هو ما حدث في «دريم» حين استقال الإعلامي البارز أسامة الشيخ قبل يومين مبرراً ذلك بـ«انتهاء خطة تطوير القناة التي بدأت قبل 8 أشهر». الخطة كانت في تقديم قناتي «دريم 1»، و«دريم 2» بصورة مختلفة خصوصاً في رمضان، إضافة إلى إطلاق «دريم 3» الدينية التي قرر مالك القنوات أحمد بهجت وقف بثها بعد رمضان. فيما ذكرت مصادر عدة أنّ خسائر «دريم» قاربت 25 مليون دولار لأنّ نسبة الإعلانات التي حققتها لا تتجاوز 25% من المبلغ الذي رصدته لشراء مسلسلات وبرامج رمضان. على المنوال نفسه، لم تحقق «المحور» الأرباح المتوقعة رغم الطفرة التي شهدتها الشبكة قبيل رمضان، كما أنّ مالكها حسن راتب لم يفصح عن اسم شريكه الجديد بعدما نفى رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة أن يكون قد اشترى أسهماً في القناة.
رغم إنكار أبو هشيمة لهذه الأنباء، إلا أنّ الأكيد أنّ هناك قاعدة أساسية فرضت نفسها في السوق المصرية أخيراً تتمثّل في امتناع أصحاب رؤوس الأموال عن كشف هويّاتهم، خصوصاً في بداية المشاريع. الارتباك في «دريم» و«المحور» أقدم القنوات المصرية الخاصة، لم يصل إلى «الحياة» و«النهار» و«سي. بي. سي.». ما زالت إدارة الشبكات الثلاث قادرة على التعامل مع معطيات السوق. صحيح أنّ «الحياة» لم تعلن بعد عن إطلاق قناة «الحياة الآن» الإخبارية لكنّها على الأقل تقدّم فترات إخبارية ناجحة في ظل الأحداث الساخنة. أما «النهار» فنفت إغلاق «النهار رياضة»، وأعلنت عن تدشين «النهار 2»، و«النهار نور» قريباً. وفي ما يتعلّق بـ«سي. بي. سي.»، فقد أغلقت قناة «مودرن سبورت» موقتاً لغاية عودة النشاط الكروي في مصر، كما أوقفت البرنامج الصباحي «زي الشمس» على «سي. بي. سي.» لكنها ما زالت تحظى بمكانة راسخة في السوق الفضائي المصري. مهما كانت الظروف داخل القنوات المصرية الخاصة، فالكل ينتظر الأموال المتوقعة والتغييرات التي ستحدثها. والكل أيضاً بات مؤمناً بأنّ التلفزيون الحكومي «ماسبيرو» خرج تماماً من الصورة ويحتاج إلى معجزة بعدما مات «اكلينيكياً»



محمد الأمين يردّ على الـ Independent

نفى مالك قنوات «سي. بي. سي.» رجل الأعمال المصري محمد الأمين ما أوردته صحيفة الـ«إندبندنت» البريطانية السبت الماضي حول لقاء جمعه بمالك قنوات «المحور» حسن راتب ومالك قنوات «دريم» أحمد بهجت مع رئيس الاستخبارات المصرية السابق مراد موافي لإقناعه بالترشّح للانتخابات الرئاسية المرتقبة، وإبداء استعدادهم لدعمه في حال وافق. وفيما أعلن الأمين أنّه كلّف مستشاره القانوني بإرسال نفي إلى الصحيفة، أكّد الأمين في بيان له عدم صحة الخبر «جملة وتفصيلاً»، مؤكداً أنّ «اللقاء لم يحدث على الإطلاق» مشدداً على أنّ «ما نشرته الـ«إندبندنت» ينطوي على سوء نية مقصود ومتعمّد».