عبرت قافلة الدراما السورية الموسم الأخير بسلام، وأثبت صنّاعها أنّهم قادرون على التواجد في كل الظروف والأزمنة وفق ما يقول المهتمون بالصناعة السورية الشهيرة. في مقابل هذا الرأي الإيجابي، تعلو أصوات بعض نجوم دراما الشام لتنذر بالخطر القائم، واصفةً ما حصل هذا العام بـ«الكارثة الحقيقية» نتيجة تسويق عدد كبير من الأعمال الرديئة على حساب سمعة الدراما السورية التي أسيء لها هذا الموسم بحجة الأزمة السياسية.
أزمة أفرزت بعض المنتجين المعتدين على المهنة، أنجزوا أعمالاً بميزانيات متواضعة جداً اعتمدوا فيها على نصوص ضعيفة وممثلين ينتظرون فرصة للظهور ولو اضطروا للوقوف أمام الكاميرا مجاناً. هكذا، خرجت أعمال هزيلة لا تحمل أيّ قيمة أو بعد فني، ولا تقدّم أي طرح، فيما اعتمد بعضها على الاستعراض وإظهار مفاتن الممثلات في محاولة لجذب الجمهور وإغراء المحطات الخليجية لشراء الأعمال. وتسلّم دفة إخراج بعض المسلسلات أشخاص كانوا يشرفون على الكومبارس أو مخرجون «أميّون» وفق تعبير نجوم الدراما السورية الذين بدأوا فعلياً بالتفكير في العودة إلى دمشق لإنجاز أعمال الموسم المقبل. التحضيرات للموسم بدأت باكراً على أمل تدارك أخطاء الموسم الأخير، والعودة إلى الصدارة بعد تراجع الدراما السورية بشكل ملحوظ. يبدو واضحاً أن الأيّام المقبلة ستكون حافلة بأعمال تتخذ من سياسة الأجزاء المتلاحقة مخرجاً ينجّيها من الخوض في غمار تبعات وأخبار الحرب الأهلية التي تعيشها عاصمة الأمويين في ظل محاولة الأعمال الأخيرة الاقتراب من الأزمة، مما أغرق بعضها في حنين مصطنع ومبالغ فيه كما حصل مع مسلسل «سنعود بعد قليل» للمخرج الليث حجو، ووقع بعضها الآخر في مطب الإرباك من حيث الرؤية الفنية المشوشة مثل «الولادة من الخاصرة 3» (منبر الموتى) لسيف الدين السبيعي.
هذه المرة، بدأت معالم الموسم المقبل تتوضّح باكراً والبداية مع أعرق شركات الإنتاج «سوريا الدولية» أو «سما الفن» كما أطلقت على نفسها أخيراً. تعكف الشركة على إنجاز أعمال عدّة، أوّلها سيسند لمخرجها المفضل المثنى صبح، وهو جزء ثان من مسلسله الشامي «ياسمين عتيق» لرضوان الشبلي الذي يوثّق أحداثاً تاريخية عاشتها عاصمة الياسمين، لكن برؤية فنية معاصرة تعتمد أزياء وماكياجات حديثة تجذب المشاهد. وتتفق الشركة المعروفة مع المخرج عامر فهد على جزء عاشر من المسلسل الساخر «بقعة ضوء» بعدما حقق فهد نجاحاً ملحوظاً في الموسم قبل الماضي في الجزء التاسع. وسيتولى فهد أيضاً إنجاز عمل اجتماعي معاصر مع الشركة نفسها يرفض الكشف عن تفاصيله أو اسمه حالياً. من جهة أخرى، سيضطر المشاهد لمتابعة جزء ثان من مسلسل «فتت لعبت» لطلال مارديني ومصطفى البرقاوي الذي يتضمن محاولة بائسة للتهريج واتخاذ مجتمع جامعة خيالية مادة خاماً للموقف الكوميدي. حقق الجزء الأوّل من العمل في رمضان الماضي جماهيرية كبيرة بين أوساط المراهقين والأطفال. بدوره، بدأ المخرج تامر إسحق التحضير للجزء الثالث من مسلسل «زنود الست» لرازي وردة، حيث نتعرّف إلى طبق رمضان بأسلوب الحكاية الدرامية التي تختلف وتنتقل في كل حلقة بين شخصية وأخرى. وفيما أدت وفاء موصلي وسامية الجزائري بطولته، ستلتحق شكران مرتجى ونجمات سوريات جديدات بالجزء الثالث.
تعتبر قناة «الجديد» أنّها قدّمت مشروعاً ناجحاً جمعها مع «فردوس دراما» في «حدود شقيقة» رغم الانتقادات التي طاولت المسلسل، وعدم فهم رسائله السياسية ولهجته البقاعية والأخذ على بطله باسم ياخور المبالغة في الأداء والتراجع عن مستواه المعهود في الكوميديا. لكنّ المحطة اللبنانية تعمل على إنجاز جزء ثان من المسلسل يباشر حازم سليمان في كتابته قريباً، على أن تدور كاميرا مخرجه أسامة الحمد خلال الأسابيع المقبلة في حال اتفقت الجهتان المنتجتان على صيغة نهائية، خصوصاً أنّ «فردوس دراما» تخوّفت من رفض التلفزيون السوري عرض العمل واعتباره يحمل وجهة نظر معارضة. من جانب آخر، يستعد سيف الدين السبيعي لتصوير الجزء الأوّل من المسلسل الشامي «الدومري» لعثمان جحى الذي يقدّم حكاية شامية شعبية تبتعد عن مفهوم الفانتازيا الذي درجت عليه أعمال البيئة الشامية، وتأخذ على عاتقها التوثيق التاريخي، مركزةً على مفهوم الجشع في بلوغ السلطة ومحاربة العالم من أجل الاحتفاظ بها. بعض المصادر كشفت لـ«الأخبار» عن نيّة تفرّد مُخرج «طالع الفضة» بالمسلسل المعرّب «الأخوة» الذي يقوم بكتابة نسخته العربية محمد أبو اللبن ولواء يازجي (إنتاج «كلاكيت»)، فيما ترددت أخبار عن إمكانية إسناد المسلسل الطويل إلى الليث حجو بعد اعتذار الممثل والمخرج رامي حنا. ويتوقع أن تشارك في العمل مجموعة من نجوم الدراما السورية كقصي خولي، وباسل خيّاط، ومكسيم خليل. أما المخرج مروان بركات، فيستعد لتصوير مسلسله المعاصر في طرطوس (لم يختر عنوانه بعد)، علماً أنّه من كتابة فتح الله عمر، والمعالجة الدرامية لنجيب نصير.
على خط مواز، باشر المخرج أحمد إبراهيم أحمد تصوير «نساء من هذا الزمن» للسيناريست والصحافية بثينة عوض (إنتاج «قبنض»). المسلسل الذي تصوّر أحداثه في دمشق، يقدّم حكاية توثيقية لفساد متراكم في جميع مفاصل الدولة، وقد اعتمدت عوض في نصّها المحكم والجريء على تحقيقات استقصائية أنجزتها على مدى خمس سنوات لتسليط الضوء على حالات لم يسبق للدراما السورية أن وقفت عندها. وقد رسا المخرج على أسماء عدة كجهاد سعد، ومهيار خضور، وقمر خلف، ويامن الحجلي، فيما رشحت سلافة معمار للعب أحد أهم أدوار المسلسل. وحتى الآن، يبدو أنّ الجهود حثيثة لموسم ناجح، لكنّ كتاب الدراما السورية الذين صنعوا أهم أعمالها ما زالوا غائبين وعلى رأسهم وليد سيف وحسن سامي يوسف وفؤاد حميرة.