«توحيد الخطاب الإعلامي»: درس سعودي جديد في الديموقراطية | تونس | على أثير إذاعة «ماد» التونسية أمس، رحّب سفيان بن فرحات، كبير المعلّقين في الإذاعة ورئيس تحرير أعرق صحيفة تونسية مملوكة للدولة وناطقة بالفرنسية "لا براس" (بتهكم)، بقرار مجلس التعاون الخليجي القاضي بمقاطعة ما سمّاه «الأذرع الإعلامية» لـ«حزب الله». ترحيب بن فرحات بهذا القرار يعكس رأياً عاماً في تونس مناصراً للحزب باعتباره حزب مقاومة للكيان الصهيوني. ويأتي ذلك بعدما رفضت تونس والجزائر الموافقة على قرار مجلس وزراء الداخلية العرب، باعتبار حزب الله اللبناني «منظمة إرهابية».
قرار مجلس التعاون الخليجي لن يكون ذا تأثيرات كبيرة على الأرض
هذا الرأي العام لا يتعلق بتونس والجزائر فقط، بل بمجمل المغرب العربي الذي يحمل حساسية قديمة ضد الوهابية التي قاومها المغاربة منذ القرن التاسع عشر، عندما ردّ شيوخ جامع الزيتونة، المعروف بـ«الجامع الأعظم»، ورفضوا دعوة الوهابيين بنشر مذهبهم في المغرب العربي عبر المجموعات السلفية التي تموّلها بعض الدول الخليجية.
قرار مجلس التعاون الخليجي لن يكون ذا تأثيرات كبيرة على الأرض، فمعظم الإذاعات والفضائيات التونسية لا علاقة لها بدول الخليج، ولا تحصل على أي مساحة إعلانية منها، وكذلك الصحف التي تحصل على مساحات إعلانية محدودة لا تمثّل إلاّ نسبة صغيرة من مواردها المالية. وقياساً بالمزاج الشعبي في منطقة شمالي المغرب العربي، فإنّ كل وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية لا يمكنها التضحية بمتابعيها الذين يرفضون مزاجياً ووجدانياً الاصطفاف وراء دول الخليج من أجل حفنة من الدولارات.
قرار مجلس التعاون استقبله الاعلاميون التونسيون بتهكّم، وهذا ليس غريباً على منطقة المغرب العربي التي ساندت القضايا القومية وقدّمت آلاف الشهداء منذ الأربعينيات دفاعاً عن فلسطين. ولعل وسائل الإعلام الوحيدة التي تصطف وراء الإسلام السياسي الوهابي وتدافع عنه هي المحطات الإذاعية والتلفزيونية والصحف التي تساند حركة «النهضة» وتدافع عن تحالفاتها.