ما الذي قد يدفع شخصاً يتصدّر لائحة الممثلين الأعلى أجراً إلى التصريح بأنّه «ليس بعيداً عن اتخاذ قرار الاعتزال»؟ ما الذي قد يجعل نجماً كجوني ديب (1963) يتوقع طرده من «ديزني»، هو الذي جعل من شخصية جاك سبارو أسطورةً في «قراصنة الكاريبي»؟ ها هو جوني ديب يطلّ في The Lone Ranger بعدما لمّح مراراً إلى نيته الاعتزال، موحياً بأنّ «ديزني» تنوي الاستغناء عن خدماته وعن دوره في «قراصنة الكاريبي» الذي بدأ العمل على جزئه الخامس. النجم الذي يعد من أشهر الممثلين ممن لم ينالوا «أوسكار»، بدا مظلوماً في شريطه الجديد الذي يستحضر شخصية «الفارس» الوحيد. جوني ريد (آرمي هامر) يتحوّل من رجل قانون عادي إلى بطل في تحقيق العدالة ومرافقه الهندي الأميركي تونتو (جوني ديب) الذي يلعب دور الراوي أيضاً.
القصة استعادة للبرنامج الإذاعي الذي حمل الاسم ذاته في ثلاثينيات القرن المنصرم، وبني بدوره على أسطورة تعود الى تراث الغرب الأميركي. لكنها استعادة كلّفت 250 مليون دولار، في حين يبدو أنّ الفيلم لم يستعد نصفها، فما سبب هذا الفشل؟ من الناحية التقنية، نرى أنّ الفيلم يقدّم عملاً بصرياً مبهراً، مع مواقع تصوير مدهشة، وإدارة كاميرا لا تشوبها شائبة. أما العناصر المركّبة كالديكور وتجهيز المواقع، فيمكن ملاحظة الجهد الكبير الذي بذل في إعادة بناء الغرب الأميركي بأدق تفاصيله في استعادة لزمن إعلانات «مارلبورو» الشهيرة التي مجدت اسطورة الغرب هذه. لكنّ المحبط كان أداء آرمي هامر الذي يُفترض أن يكون البطل. أداء بدا ضعيفاً مقارنة بديب الذي برع في كسب الجمهور والتحول بنفسه إلى نجم الشريط، مما أفقد العمل اتزانه. المزعج أيضاً هو طول الشريط (140 د) الذي ساعد في إدخال الحشو في «السكريبت»، مما جعله مفككاً، إلى جانب المشاهد التي ذكّرنا الكثير منها بأحد أشهر أفلام الويسترن الحديثة Wild Wild West، أكان لناحية بناء القطار أو حتى الحصان الفائق الذكاء، فضلاً عن التصوير الذي تشابهت أماكنه. أما الكارثي، فكان ضياع هوية الفيلم. لم يبدُ واضحاً لأي فئة عمرية يتوجّه، فهو معقد للمراهقين، وسطحياً للراشدين، ويراوح بين فيلم المغامرة والأبطال الخارقين (على غرار زورو) وبين الفيلم الكوميدي الخفيف.  كل هذه العوامل فشلت في جعل الفيلم يحقق أرباحاً في شباك التذاكر. لعلّ «كذبة» الاعتزال كانت محاولة من جوني لإنقاذ ما تبقى، لا سيما أنّه يشعر ببعض الذنب إزاء الخسارة التاريخية التي مُني بها الشريط وقد تصل إلى 150 مليون دولار، مما يشي بأنّ الممثل الخمسيني استخدم حجة الاعتزال للترويج للفيلم. ما قاله عن نية «ديزني» بالاستغناء عنه، لم يصدر عن الشركة، والعقود التي وقّعها تظهر أنّه ملتزم بأربعة أفلام حتى 2015. لذا على عشاق هذا الممثل الأميركي أن لا ييأسوا لأنّه سيظهر على الشاشة الكبيرة قريباً.