تصدر «مشروع ليلى» ألبوماتها بوتيرة متسارعة. بعد أول باكورتها التي حملت اسم الفرقة عام 2008، كرت السبحة، فكان ألبوماً ثانياً بعد 3 سنوات (الحل رومنسي) وثالثاً عام 2013 (رقصوك)، فرابعاً صدر العام الماضي تحت عنوان «ابن الليل». من كونهم مجموعة تغني الروك العربي أمام حفنة من الأصدقاء في «الجامعة الأميركية في بيروت»، انتقل حامد سنو، وهايغ بابازيان، وفراس أبو فخر، وكارل جرجس، وإبراهيم بدر الى فرقة باتت تقيم الجولات في مختلف أنحاء العالم مستقطبة جماهير متنوعة. ما زالت «مشروع ليلى» تسير على الخطى نفسها منذ بداياتها، مع ميل واضح في السنوات الأخيرة الى إنجاز موسيقى بوب تلتقي مع شريحة أكبر من المستمعين. أما التجارب الشخصية والمسائل المهمة التي تلمس الشباب، فكانت وما زالت محور نصوص أغنياتها.
«طيف» التي ينقل الكمان أساها، تتحدث عن معاناة المثليين
بطريقة ذكية، عرفت «مشروع ليلى» كيف تستقطب جمهوراً واسعاً الى حفلاتها في السنوات الأخيرة. سرّ أغنياتها يكمن خصوصاً في الكلام الواقعي والمباشر الذي تتكوّن منه. فلا حب وانتقام وبطولات على طريقة الاغنيات اللبنانية التجارية. بمزيج من الموسيقى الراقصة والايقاعات الحماسية، تغني الفرقة عن مواضيع أكثر جدية. مواضيع من صلب واقعنا اللبناني والعربي، تعدّ نقداً ذاتياً ساخراً ولاذعاً مدعوماً بألحان، ينقلها حامد سنّو بصوته المميز وبأداء مختلف بات بصمة خاصة في عالم الموسيقى العربية، من دون أن ننسى العازفين الموهوبين.
في الألبوم السابق الذي أصدرته تحت عنوان «رقصوك»، اتخذ الموسيقيون مساراً يقترب من الـ«بوب» أكثر منه الروك رغبة منهم في جعل أغنياتهم أكثر تداولاً وسماعاً، وخصوصاً أكثر بثاً عبر أثير الإذاعات. جاء الألبوم الجديد «ابن الليل» في الإطار نفسه، مع التركيز أكثر هذه المرة على الموسيقى الالكترونية والـ «بوب». التنقل بين أنماط موسيقية غربية مختلفة لم يغيّر شيئاً في إصرار الفرقة على الغناء بالعربية، وبالتالي الحفاظ على الصلة بثقافتها.
«ابن الليل» هو العمل الرابع لـ «مشروع ليلى»، سُجّل في استديوهات «لا فريت» في باريس. صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي خلال حفلة كبيرة في مركز «باربيكان» في لندن، وبُث مباشرة على محطة «أم. تي. في». كما أطلقت الفرقة ألبومها في لبنان في «متروبوليس أمبير صوفيل» في نهاية العام المنصرم.
حياة الليل في لبنان تأخذ مكانتها في هذا الألبوم، فنرى الفرقة تتطرّق بسخرية في عدد من الاغنيات الى التناقض الموجود في المجتمع اللبناني، وتلقي نظرة مختلفة على هذه الحياة الليلية الشهيرة، لا سيما في أغنية «مغاوير». موسيقياً، تُفتح الأغنية مع عزف لآلات النفخ يوحي بأنها أبواق حرب، وتذكر بالإيحاء العسكري لعنوان الأغنية، يتبعها دخول حماسي للإيقاعات، ليبدأ صوت حامد سنو الأغنية بـ «سنة حلوة يا جميل». التناقض بين الأسلوب الراقص والحماسي للأغنية والقصة المأساوية التي استوحيت منها، يدعو الى التساؤل حول ازدواجية ما يُعرف بالحياة الليلية الصاخبة في بيروت والعنف الذي بات طبيعياً فيها. كلمات الأغنية تعيدنا بالذاكرة الى حادثتي عنف حصلتا قبل أكثر من عام بين شباب في أماكن سهر وكانتا مناسبة لتأليفها. «طيف» التي ينقل الكمان أساها، تتحدث عن معاناة المثليين. وفي «أيودي»، الأغنية الأولى في الألبوم، تركيز واضح على الموسيقى الآلية، إذ تستمر المقدمة الموسيقية لأكثر من دقيقتين حيث تدخلنا في صوتها الالكتروني وإيقاعات الدرامز. ومن العناوين الأخرى التي يتضمنها الألبوم أيضاً (مجموعه 13 أغنية) نذكر «3 دقائق»، و«فليكن» و«مريخ» التي يبرز فيها حامد سنو قدراته الصوتية.

* حفلة «مشروع ليلى»: اليوم في «ميوزكهول» (دبي)
* 29 نيسان (أبريل) ــ المدرج الروماني (عمان ـ الأردن) ـــــ www.mashrou3leila.com