أيّام حاسمة ينتظرها العالم ليشهد ضربة أميركية عسكرية متوقّعة على سوريا، تعيد إلى الأذهان سيناريو العراق، أو قد يكون ذلك التطبيل منحصراً في إطار التهويل والحرب النفسية على خلفية مجزرتي الغوطة الشرقية والغربية في ريف دمشق قبل أيام. أصبح الحدث مائدة دسمة للقنوات العربية أو الناطقة بالعربية، التي أعلنت منذ بدء الأزمة السورية اصطفافها السياسي إلى جانب أحد طرفي النزاع.
بانتظار وفرح غامر، لوّحت بعض القنوات العربية للضربة، ونشرت خططها العسكرية المحتملة، وأضحت الشاشات منبراً للاستدلال بالخرائط عبر الأقمار الصناعية. هكذا «راح العالم يحبس أنفاسه ترقّباً لضربة عسكرية ضد سوريا»، كما عنونت قناة «العربية» أحد تقاريرها، مبررةً الهجوم العسكري بالقول إنّه «سيكون رادعاً لعدم استخدام النظام السوري للأسلحة». وزّعت المحطة السعودية مخطّط الضربة على سلسلة من الخرائط التي تحدد مناطق الاستهداف بالأسماء كالمطارات، والمستودعات، والثُّكَن العسكرية. وفي إطار تحليلها لما سيجري، تعوّل «العربية» على تكرار السيناريوين العراقي والكوسوفي في توجيه الضربات العسكرية، ليُعمل بعدها على إسقاط الرئيس بشار الأسد كما حصل مع صدام حسين قبل سنوات. إذاً هي عملية «جراحية» كما تصفها القناة، بسبب الاستخدام «الفاضح للأسلحة الكيماوية».
بدورها، روّجت «الجزيرة» لسيناريو ضربة عسكرية محدودة «هدفها جرّ النظام إلى طاولة المفاوضات مع تقديمه لبعض التنازلات» على حد تعبيرها. فبرأيها، «النظام مطلب إسرائيلي، ودولي، وانهياره قد يؤدي إلى معاودة تسونامي الربيع العربي»!. لم تبخل القناة القطرية بعرض مخططات الضربة، متوقعةً تدمير السلاح الكيميائي عبر ضربة عسكرية محدودة، أو تدمير البنية العسكرية السورية، مع احتمال امتداد الصراع إلى دول الجوار. أما «بي. بي. سي.»، فركزت على الموقف البريطاني الداعم للضربة، الذي وضع «خططاً طارئة للتدخل العسكري في سوريا»، متهماً النظام بإخفاء الأدلة في مجزرتي ريف دمشق «بعد قصفه لها بُعيد خمسة أيام من حدوث المذبحتين».
قرع طبول الحرب والقلق لم يغيبا عن قناة «الميادين» التي وضعت احتمال شنّ الحرب، ورأت أنّ ما يروّج له قد يكون في إطار الحرب النفسية، كما يشي عنوان أحد تقاريرها الإخبارية «بين الزناد والتسوية، كل الاحتمالات مفتوحة». وطرحت قناة «الواقع كما هو» سؤالاً واضحاً: «ماذا لو غامر الغرب بضربات محدودة؟ ماذا ستفعل موسكو وبكين وطهران وحزب الله؟»، فيما ظلّت «روسيا اليوم» تعكس الموقف الروسي الرسمي الذي أعلن أنّه لن يشارك في الحرب، مع تحذيره الدول الغربية من هذه الخطوة من دون قرار من «مجلس الأمن الدولي».



تغريدات تطبّل للحرب

في موازاة الاستنفار الإعلامي وقرع طبول الحرب، برزت على الصفحات الافتراضية، وتحديداً تويتر، مجموعة تغريدات أبرزها للشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، رأى فيها أنّه «إذا كانت الثورة السورية ستأتي بالاحتلال الأميركي على سوريا، فلتسقط الثورة السورية». وأضاف: «كيماوي سوريا مثل نووي العراق». الإعلامي السوري فيصل القاسم غرّد على صفحته قائلاً: «الطغاة يستجلبون الغزاة»، وراح يهوّل مرجّحاً «أن لا تطاول الضربة الأميركية مواقع النظام فحسب، بل بعض الجماعات التي تريد الولايات المتحدة التخلص منها».