كارلوس لطّوف ــ البرازيل
القاهرة - تعدُّد الأساليب والفاعلين. هذه هي الخلاصة الأبرز التي يخرج بها تقرير «مركز دعم تقنية المعلومات» الأخير حول الانتهاكات التي طالت الصحافيين في مصر منذ فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. صحافيون محسوبون على «الإخوان المسلمين» قُتلوا وأصيبوا واعتقلوا على أيدي النظام الحالي، وآخرون تعرّض لهم الإخوان أنفسهم، الذين يعتبرون من ليس معهم ضدّهم، فضلاً عن أولئك الذين طالهم الرصاص عن طريق الخطأ.

انطلق مركز «دعم تقنية المعلومات» عام 2004 كمبادرة حقوقية مستقلّة، تعمل من أجل تعزيز الحقّ في المعرفة وحرية تداول المعلومات والشفافية واستقلالية الإعلام في مصر من خلال البحث والدعوة والتدريب. وبحسب أحدث تقرير منشور عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للمركز، فقد سجّل 57 انتهاكاً ضد الصحافيين في مصر منذ 14 آب (أغسطس) الحالي، وحتى تاريخ صدور التقرير في 27 من الشهر نفسه.
صنّف التقرير الانتهاكات إلى مستويات عدة، أوّلها حالات القتل التي وصلت إلى ستة في الفترة الممتدة بين 14 و20 آب (أغسطس)، أربعة منها خلال فضّ اعتصام «رابعة العدوية» لصحافيين محسوبين على جماعة «الإخوان المسلمين»، ما عدا مصوّر قناة «سكاي نيوز» مايك دين. بعد ذلك بيومين، لقي مخرج في «التلفزيون المصري» حتفه خلال تغطية تظاهرات الإخوان في «ميدان رمسيس»، إضافة إلى الصحافي في جريدة «الأهرام» تامر عبد الرؤوف الذي توفي بطلق ناري أطلقه عن طريق الخطأ جنديّ في الجيش المصري خلال فترة حظر التجوّل، رغم امتثاله لأوامر الجندي بعدم المرور.
بلغ عدد المصابين وفق التقرير نفسه 33 مصاباً، من دون أن يفرّق بين الصحافيين. إذ طال عاملين في قنوات «الجزيرة» القطرية و«النهار» المصرية، وصحف مصرية خاصة وحكومية، فضلاً عن مواقع إلكترونية على غرار «مصراوي» و«البديل»، ومراسلين لصحف أجنبية، مثل «وول ستريت جورنال» الأميركية والـ«إندبندنت» البريطانية. هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ بعض هذه الإصابات حصلت على أيدي الأهالي أنفسهم الذين تصرّفوا بكم كبير من العدائية ضدّ مراسلي القنوات الأجنبية، واعتبروا كل كاميرا لا تنتمي إلى الإعلام المصري تهدف إلى دعم مناصري الإخوان في «رابعة العدوية» ضد الجيش.
كذلك، سجّل التقرير 18 حالة توقيف واختفاء في الفترة نفسها. حالات الاعتقال جاءت عن طريق الشرطة بالطبع، وغالبيتها كانت لساعات محدودة، ما عدا مراسلي وسائل إعلام محسوبة على الإخوان المسلمين. حتى الآن، لا يزال مصوّر قناة «الجزيرة» محمد بدر الذي أوقف قبل أيّام من فضّ اعتصامي «رابعة» و«النهضة» بأيدي السلطات الأمنية. أما مراسل القناة نفسها، عبد الله الشامي، فاعتقل بعد فضّ الاعتصامين، فيما احتجز بعض العناصر التابعين للإخوان فريق عمل كاملاً تابعاً لمحطة «المحور» لساعات عدة يوم الجمعة الماضي، قبل أن ينجح أمن مدينة حلون (جنوب القاهرة) في تحريرهم. اللافت أنّه تمّ القبض أخيراً على أبرز ثلاثة صحافيين في شبكة «رصد» الإخوانية بتهمة «نشر أخبار كاذبة». «رصد» هي أقدم شبكة إخبارية مصرية تعمل عبر موقعي التواصل الاجتماعي، وقد انطلقت قبل «ثورة 25 يناير» بأشهر عدّة، من دون الإفصاح عن هويّتها الإخوانية التي أدركها المتابعون تدريجاً بعد صعود الإسلام السياسي إلى الحكم إثر تنحي الرئيس السابق حسني مبارك.