تسير العلاقة بين «الجزيرة» والسلطة المصرية كما هو متوقّع. بعدما صالت وجالت شوارع مصر مفبركةً أخباراً تناسب سياستها «الإخونجية»، وخصوصاً بعد «30 يونيو»، قرّرت الحكومة المصرية منع «الجزيرة» من العمل على أراضيها.
هكذا، أغلقت استوديوات «الجزيرة مباشر مصر» ولجأ مراسلوها إلى التقارير الهاتفية وسط حذر رافق حركتهم في الشوارع المصرية. كل ذلك دفع الشبكة القطرية أخيراً إلى رفع دعوى قضائية على السلطة المصرية المؤقتة. وأمس، أصدرت المحطة القطرية بياناً شرحت فيه ملابسات القضية. وقالت إنّها وكلت مكتب المحاماة «كارتر ــ راك» الذي يتخذ من لندن مقراً له برفع دعوى لدى المحاكم الدولية والأمم المتحدة لحماية صحافيي «الجزيرة» والحفاظ على حقهم في نقل الحدث بحريّة. وركّز بيان «الجزيرة» على تفنيد سلوك أجهزة الأمن المصرية وأنصارها تجاه شبكتهم و«جميع الصحافيين الذين لا يرتبطون بنظام الحكم العسكري، مع لجوء السلطات المصرية إلى توقيف واحتجاز موظفي «الجزيرة» وفق تهم جنائية». ولفت البيان إلى «إثارة سلوك أجهزة الأمن المصرية قلقاً كبيراً على صعيدٍ عالمي». ونقل البيان كلاماً لمن سمّاه متحدثاً باسم الشبكة أكّد «أن المحطة لن تسمح لهذا الوضع بالاستمرار، وستدافع عن حقّ الصحافيين في نقل الأحداث الجارية في مصر بحريّة يحميها القانون الدولي». في السياق عينه، صرّح أحد مديري المحطة لـ«الأخبار» من دون الكشف عن اسمه بأنّ «القضية لا تحتمل اللبس. هناك اعتداء على حرية الإعلام من قبل السلطة المصرية المؤقتة من خلال التضييق على موظفي ومراسلي القناة، وهذا لا يسكت عنه». وأكّد أنّ زمن تكميم الأفواه ولّى، وأنّ «القضية المرفوعة ليست ضد الشعب المصري، بل ضد السلوك البوليسي الذي يستهدف العمل الصحافي». المصدر ذاته رفض الاتهامات التي تطاول القناة بانحيازها السافر إلى الإخوان، معتبراً أنّ محمد مرسي هو «الرئيس الشرعي الذي انتخبته جماهير الثورة». موظف آخر في الشبكة قال في اتصال مع «الأخبار» إنّ هذه «الخطوة تأتي كضرورة إعلامية تهدف إلى البروباغندا أكثر من انتظار نتائج فعلية»، وهو ما يتقاطع مع تصريحات الخبير في القانون الدولي العامل في «كارتر ـ راك» كاميرون دالي. قال الأخير لصحيفة الـ«غارديان» أمس إنّ «الشيء الوحيد الذي يمكن أن تفعله «الجزيرة» هو رفع هذه الدعوى»، مضيفاً أنهم يسعون إلى ممارسة بعض الضغط الديبلوماسي على الحكومة المصرية من خلال البيت الأبيض... فهل تعيد هذه الخطوة «الجزيرة» إلى مصر؟ والأهم، هل تغيّر أداءها؟ علماً بأنّ مصادر كشفت لـ«الأخبار» أنّ الأمير تميم بن حمد آل ثاني تلقّى تقارير من خبراء إعلاميين، تؤكد خطورة الاستمرار في سياسة الفبركة التي تعتمدها «الجزيرة» في القاهرة، وهو أمر ذو انعكاسات سياسية وشعبية واقتصادية، وخصوصاً أنّ مصر ليست دولة عاجزة ولا صغيرة، بل تمتلك جهازاً إعلامياً قوياً قادراً على النجاح في مواجهة «الجزيرة».