فقرة «رادار» (أهم زحطات التلفزيون هذا الأسبوع) التي تعرضها mtv ضمن برنامج «منّا وجر»، ترصد هفوات و«زحطات» الشاشات، خصوصاً المحلية. أخطاء قد تحصل على الهواء في السلوك والتعاطي والتلعثم. فقرة لاقت رواجاً بلا شك، وبات المشاهدون ينتظرونها كل أسبوع. صحيح أنّها لا تقرب النقد التلفزيوني في مكان، لكنّ طابعها الخفيف والمرح أعطاها هذا النجاح الذي يبدو أنّه لن يدوم طويلاً. على مدى حلقات ثلاث قدمها معدّ الفقرة إيلي سليمان، وصلت فيها السخرية من مواقف حرجة أو هفوات على الهواء الى منزلة غير أخلاقية وغير مقبولة. أدخل سليمان لطيفة سعادة، أو مَن تعرف تلفزيونياً بـ«تيتا لطيفة»، في بازار نكاته.
حريّ بمن سخروا من سنّها أن يخجلوا أمام امرأة مناضلة بكل المعايير
أصيبت الـ«تيتا» في الاستديو بمرمى سهام الضيوف، فقط لأنها كبيرة في السنّ (85 عاماً). عرض الشاب مقطعاً قصيراً وقديماً يظهر الفنان رامي عياش في إطلالة أرشيفية خلال أحد البرامج الغنائية على شاشة lbci. وظهرت في الشريط تيتا لطيفة وهي تصفق له بحماسة. صاحبة برنامج «ع نار لطيفة» (otv)، لم يتغير شكلها منذ ذاك الحين، خصوصاً شعرها الأبيض الجميل. استغل الضيوف في الاستديو هذه اللقطة ليبدأوا بالسخرية منها، وبأنّها ما زالت كما هي «عجوزاً»! هكذا تطايرت على مسامعنا عبارات مهينة بحقها: «كنت تيتا من وقتها»، «من وقت هالفيديو خلقت تيتا لطيفة»... لم يكتف المعدّ بهذا القدر من السخرية والمهزلة والسماجة، بل عرض شريطاً آخر مركّباً تظهر فيه لطيفة سعادة في حفلات أم كلثوم، ووديع الصافي، وصباح فخري، ليثبت أنها تيتا على مدى كل تلك المراحل! قبل هذه الحفلة أول من أمس، عرضت فقرة «رادار» في الأسبوعين الماضيين لقطات لتيتا لطيفة، واحدة منها قد تكون فكاهية عندما استقبلت في برنامجها على otv ضيفة فارعة الطول، وبان الفرق بينهما. لكن سليمان لم يكتف بهذا القدر، بل وقع في فخ الإهانة الشخصية عندما سخر من تصرف «تيتا لطيفة» في إحدى حلقاتها أيضاً حين استعجلت الضيف في إنهاء تنفيذ وصفاته المطبخية. وقتها، سخر سليمان منها قائلاً إنّها تستعجل الضيف «كي تدخل الى الحمام»! لكن الشاب الفذ لم يخطر في باله أنها ليست المسؤولة عن هذا الطلب، بل من يعملون في كواليس برنامجها، وعليها فقط تكرار ما يتلونه في أذنيها.
صحيح أن فسحة من الترفيه المبنية على السخرية من هفوات المذيعين/ات، مطلوبة، لكن أن تصل الى هذا الحد من التعاطي والتطاول الشخصي والإهانة الإنسانية، فهذا أمر آخر. هنا، علينا التوقف قليلاً عند امرأة ثمانينية عرفت دروب الشهرة متأخرة، وأعاقت تحقيقها مبكراً عائلتها وزوجها بسبب العقلية التقليدية السائدة. «تيتا لطيفة»، وفي هذا العمر، تعمل، وتتعب وتتحمل أعباء التصوير والساعات الطويلة وباقي متطلبات العمل التلفزيوني، لأنها تريد أن تعتاش، أن تسدّ ديونها كما تردّد دائماً، وأيضاً كي تحقق نفسها، فما الضير في ذلك؟ صاحبة الوجه الإعلاني والسينمائي والتلفزيوني تجتهد لتعيش من عرق جبينها، ولم تتردد لحظة في دخول هذا المعترك لتحقيق حلمها، على يد الراحل رياض شرارة. وهي اليوم تقارع أمراض شيخوختها، فحريّ بمن سخروا من سنّها أن يصيبهم الخجل ولو قليلاً أمام امرأة شجاعة مناضلة بكل المعايير، ودائمة الابتسام حتى في أحلك الظروف!

«منّا وجر» كل خميس 21:30 على mtv