كيف نحلل دور وسائل الإعلام ومنصات عالم التواصل الاجتماعي في مكافحة خطاب الكراهية والتعصب في السعودية؟ كيف نعيد صوغ أخلاقيات المهنة ونحاول تحييدها، في وقت بتنا نشاهد الملك سلمان في «مهرجان الجنادرية» يبكي متأثراً لسماع قصيدة مليئة بالتحريض والكراهية ضد «الغزو الفارسي» للمنطقة العربية، ويمول نظامه عملية توظيف القومية والمذهبية، في الحرب ضد اليمن، وصولاً إلى تغاضيه عن مطلب طرد اللبنانيين من المملكة، والسماح باطلاق كل ما في جعبة الوهابية من توصيفات استجلبها الاعلام الرسمي من «خطاب الكراهية» وقوداً للفتنة الجديدة. الخطاب العنصري السعودي تغرق فيه نشرات الأخبار، وخطب الجمعة، وصفحات التواصل الاجتماعي ضد النساء والعمال الأجانب والسود واليمنيين واللبنانيين وحتى ضد الاشقاء الخليجيين من فتاوى وتحريض على القتل ضد الطوائف الأخرى، حتى وصل الأمر إلى حد طرح سؤال في قنوات رسمية وافتراضية: «هل تستطيع التعايش مع الشيعة؟» أو «من هو العدو الأول للسعودية والعرب: إيران أم اسرائيل؟».
برنامجه «الحق ينقال» مضاد لخطاب الكراهية الذي يروّج له الإعلام الرسمي

بالرغم من ذلك، خرجت محاولات شبابية خجولة قررت السباحة عكس التيار. هكذا، أطلقت قناة «صاحي» على يوتيوب، حلقة جديدة من البرنامج الاجتماعي «الحق ينقال» الذي يقدمه عمر حسين (1986). الكاتب والممثل الكوميدي السعودي وضعَ عينات من المجتمع السعودي أمام سؤال عملي: ماذا ستفعل لو كنت في هذا الموقف؟ المقدم المشهور استوحى برنامجه المستمر منذ حوالى عامين، من برنامج أميركي على قناة ABC بعنوان «ماذا كنت ستفعل؟» (?What Would You Do).
من خلال الحلقة، ألقى حسين الضوء على تجارب عملية مضادة لخطاب الكراهية الذي يحيط بنا من كل صوب، والخروج ولو بمحاولات خجولة للسيطرة عليه أو حث الناس على اتباع مقولة «الدين بالمعاملة» التي اتخذها عنواناً للحلقة الجديدة، التي صورت في أحد مطاعم جدة (غرب المملكة). خلال الحلقة، جسّ حسين ردة فعل زبائن المطعم على اساءة احدهم للعامل الآسيوي وطرده بطريقة استفزت الغالبية، ودفعتها إلى التدخل والدفاع عن العامل الضعيف أمام جبروت المواطن السعودي.
نجح حسين في تقديم عينة من تعاطف الشعب مع بعض القضايا من خلال برنامجه اليوتيوبي الذي حصد مشاهدات مليونية، عبر طرح أسئلة حول معاملة النساء في بيئة عمل مختلطة، واختطاف الأطفال، وعمالة الأطفال المنتشرة في مناطق عدة من البلد النفطي.
وسط حروب المنطقة الجديدة، وعمل السلطات السعودية على ترويج الخطاب الشعبوي والطائفي والمذهبي عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية محلياً وعربياً، عادت الدعوات إلى ضرورة توصيف خطاب الكراهية، وسرعة العمل على تحديد اخلاقيات الصحافة المهنية، في ظل حفلة الجنون السعودية.