يقدّم جورج افرام البستاني مسرحية «شو في ورا الباب» (تمثيل جمال الأعور) على خشبة «مسرح مترو المدينة» برعاية منظمة العمل الدوليّة. يكمن سر العمل في علاقته الوطيدة بالهدف التوعوي حول حقوق العامل. النص مبني على الرمزية المباشرة التي تقترب أحياناً من الكليشيه إذا تطلعنا الى السياق الزمني الذي نعيش فيه، حيث تبلورت الحركات المسرحية الى ما بعد الرمزية في القصة: يولد الشاب، وقد وضعوه في غرفة خالية سرعان ما تمتلئ بالأغراض التي يحتاج إليها والمعلومات التي عليه أن يعرفها لكي «يعيش برواق ويموت برواق».
يوهمه أسياده بأنه الرجل الوحيد على الأرض، بينما هو مسجون في الغرفة ولا يتواصل إلا معهم من خلال الهاتف. يصنع أحجار الشطرنج ويرسلها إليهم من تحت الباب، بينما يكافئونه بـ«بيبرونة» حليب. هكذا يعتاش، وهكذا يمر الوقت الى أن تضيق به الدنيا ويقرر أن يتمرّد، فيأمرونه بأن يضرب نفسه بالعصا التي كانت موجودة خصيصاً لحالات مماثلة. نرى العامل يضرب نفسه. ولعل هذا المشهد حمل أقوى لحظات العرض برمزيته الى خلافات الطبقة الكادحة التي يبتدعها المسؤولون في سياسات الاقتصاد الظالمة. ثم سرعان ما يجد في الخزانة غرضاً يوضع في الهاتف يجعله قادراً بأن يتصل بعمّال آخرين في غرف أخرى، فيكتشف أنه ليس الوحيد في هذا العالم. يتكلم مع عامل آخر ويقرران أن يبحثا عن كل العمال الآخرين الذين تتشابه حالاتهم، والاتفاق من خلال التواصل والتشبيك على فتح الباب فيخرجون مدركين من خلال ذلك «شو في ورا الباب».
رغم أنّ فكرة العمل برمزيتها مثيرة للاهتمام، بغض النظر عن ابتعادها عن اللغة المسرحية المعاصرة، إلا أنّ العرض انحصر في الرمزية الضيقة. أفلتت التفاصيل الحياتية للشخصية والأحداث الواقعية من المؤلف. علِّقت الشخصية ليس فقط في غرفة، بل في كادر لا يتطور الى شخصية ديناميكية تشاركنا حياتها بتفاصيلها الواقعية، بل باتت التفاصيل رمزية تتأرجح بين أحجار الشطرنج والخزانة والهاتف، ما جعل الملل يتسرّب إلى العرض. لم يستطع الممثل جذب انتباه المشاهدين بشكل متواصل. كانوا ينتظرون منه القيام بحركة ما أو فعل كوميدي كي يستغلّوا الفرصة للضحك وإعادة التركيز. بوصفه معالجاً نفسياً، قارب المؤلف بعض اللمحات النفسية، بدءاً من علاقة الولد بدقات قلب والدته، مروراً بالرجفة التي لا يستطيع التخلص منها إلا بحبوب، وصولاً الى تأثير الدين على الإنسان اليوم ... لكن حتى التفاصيل النفسية التي تطرّق إليها الكاتب بقيت على السطح برمزيتها من دون الاقتراب الى المعيش. أما الممثل، فكان قادراً على أداء الشخصية بشكل متواصل، إلا أنّ إيقاعه الداخلي كان يمكن أن يكون أقوى. أخيراً، جاءت موسيقى غسان سحاب على آلة القانون سلسة وناعمة لتعيدنا الى شاعرية اللحظة بعيداً عن عنف الصراخ. عمل ذات فكرة واعدة جديرة بأن تتطور من حيث المعالجة والأداء.



«شو في ورا الباب»: 20:30 مساء 24 و25 أيلول (سبتمبر) ـــ «مترو المدينة» (الحمرا) ــ للاستعلام: 01/753021