بخطى واثقة، حقّق مذيع تلفزيون «الجديد» جورج صليبي حلمه حين تفوّق على مذيع «الجزيرة» فيصل القاسم، وتحوّلت حلقة برنامجه «الأسبوع في ساعة» على «الجديد» إلى فضيحة مجلجلة! أول من أمس، أطلّ «خليفة فيصل قاسم» على قناة «الجديد» ضمن برنامجه «الأسبوع في ساعة» ليستضيف عبر الأقمار الصناعية ورقتي اللعب المتناقضتين على الساحة السورية، لزوم الطبخة السحرية التي ستؤدي إلى انفجار حتمي في الشتائم.
الضيف الأول كان لؤي المقداد «المنسق السياسي والإعلامي في الجيش السوري الحرّ». أما الثاني، فكان المحلل السياسي السوري أكرم مكنا الذي سبق أن خاض جولة من تبادل الشتائم مع العقيد في «الجيش الحر» أكرم الكردي. لعلّ هذا هو السبب الذي دفع نجم «التوك شو» الجديد إلى الاستعانة بمكنا مجدداً كونه صار ماركةً مسجلةً ومجربةً سلفاً! هذه المرة، سار الحوار بشكل طبيعي إلى حد كبير. لكن في ختام الحلقة وحالما لفظ المقداد اسم «بشار الأسد» حتى اعترض مكنا على «الشخصنة والتطرق إلى الرموز من دون ذكر مناصبهم»، فسخر المقداد سائلاً مكنا: «هل تريد أن أصلّي له ركعتين؟» ثم تعمّد تكرار ذكر اسم الرئيس السوري واصفاً إياه بـ«المجرم المستعدّ لتسليم زوجته ليبقى في منصبه».
طبعاً، لم ينتبه المنسّق الإعلامي إلى أنّ تذاكيه هذا يغرق في الذكورية وفي خطاب يشيِّئ المرأة. أقلّه، لم يول أهمية إلى صورة «الثورة» التي يرفع لواءها، وإلى أنّ الثورة الحقيقية تبدأ بالانقلاب على الإرث الذكوري المتخلف ونظرته إلى المرأة. بدت ذكورية المعارض الشرس الذي جاهد في ادعاء التهذيب مجرد نسخة مشوّهة عن العادة التي درجت في برنامج «الاتجاه المعاكس». قبل أسبوع فقط، راح النائب السوري شريف شحادة يعتبر أنّ مَن يهلل للعدوان الأميركي على دمشق «يشبه مَن يستقدم رجلاً إلى مخدع زوجته»! أما في «الأسبوع في ساعة»، فقد فتح مكنا خزانة الشتائم، وتوقف عند رف الذكورية، وراح يرد على المقداد بـ «أنت من تسلم أمك وأختك يا (...) وتمارس الدعارة مع نساء الجيش الحر» إلى نهاية القائمة التي أضاف إليها مزيجاً من شتائم بلغة فصحى وأخرى عامية. هنا استلّ المحاور المقدام سيف حنكته وحرفيته وراح يطلب الهدوء من الضيفين، والعودة إلى الحديث في السياسية. وعندما استمرت الشتائم، قطع الاتصال واعتذر للمشاهدين من دون أن تفارقه زهوة المنتصر بما حقّقه من ابتذال.
يعكس الإعلام العربي اليوم صورةً نموذجيةً للواقع السوري المفكك الذي يخوض حرباً أهلية ضروساً، وقد صار المنبر مفتوحاً لكلّ من يود أن يهاجم الطرف الآخر، مستعيناً بـ «عدّة» التخلّف والذكورية في مجتمعات تخوض ثورات من أجل الحرية، وما زلت تعتبر أنّ «الشرف» يكمن بين فخذي المرأة!